ميسون أبو بكر
سأتحدث اليوم عن موضوع في منتهى الحساسية في مجتمعنا العربي والخليجي بشكل خاص، مقارنة بالمجتمع الغربي الذي استطاع التعايش مع الموضوع كتجربة ناجحة وكضرورة ملحة نظراً لثقافة المجتمع وإيمانهم بفكرة رعاية المسن بدور مختصة ثم بسبب طبيعة العلاقات الأسرية المتفككة من جهة أخرى، حيث تعد دور الرعاية لكبار السن من المرافق المهمة والأمور الضرورية ضمن نطاق الأحياء في الغرب والتي يخصص لها أماكن ذات مواصفات عالية وصحية وضمن نطاق الأمن والسلامة ومعايير عالية تفرضها الدولة.
قد تختلف الأسماء مثل دور العجزة، دور الإيواء.. بيوت الضيافة لكبار السن.. بيوت الرعاية الصحية أو دور الرعاية الإيوائية للمسنين، لكن الهدف واحد وهو توفير دور رعاية إيوائية تحقق مستوى معيشياً ملائماً لحاجات المسنين من كافة الجوانب، وبها كافة الأنشطة التي تضمن استمرار تواصلهم ودمجهم مع المجتمع وبما يحفظ كرامتهم.
حين تذكر أمامنا قصة ما لمسن زجت به أسرته لهذه الدور يخالجنا شعور بالازدراء والحنق على أسرته، وكنت أول من يملك هذه النظرة، حتى خضت أكثر من تجربة مع أصدقاء مقربين فقد تغيرت نظرتي لهذه الدور، وأصبحت أنظر لبعضها -الذي حقق مواصفات عالية ورعاية فائقة- وكأنه مستشفيات مخصصة لكبار السن الذين يحتاجون عناية خاصة ورعاية تضمن لهن السلامة وتوفر لهم العلاج الطبي على يد مختصين، كما تضعهم مع أقرانهم من نفس العمر في بيوت فيها من الدفء والرعاية ما يحقق تسليتهم ويبعد عنهم الملل والفراغ الذي قد يشعرون به مع أسر يشغلها عنهم التقيد بدوام طويل وأعمال تعيق تواجدهم معهم ورعايتهم بالشكل الأمثل.
دور المسنين التي تحقق شروط الرعاية والصحة الكاملة حاجة ملحة لبعض المسنين الذين يعانون في بعض الأسر عدم أهلية منزل الأسرة لهم، كما وجود إعاقات في المكان قد تمنع تحركهم بأريحية وسلامة مع مركباتهم، وعدم أهلية من يعتني بهم في المنزل مما قد يتسبب بإصابات وقصور في التعامل مع بعضهم.
لا نغفل أن بعض الدور أعطت نظرة سلبية عن هذه المراكز من حيث عدم أهليتها وقسوة بعض العاملين بها مما جعل الحكومات عبر العالم تشدد على إجراءات الفسح وتلزم بضرورة الرقابة الدائمة عليها، وتضع معايير عالية وكاميرات طوال الوقت، وتفرض شهادات اختصاص وخبرة على العاملين بها، وأماكن مريحة للأسر الذين يحضرون باستمرار لزيارة مسنيهم الذين اضطرتهم الظروف.
باعتقادي لا تختلف دور كبار السن عن مراكز التوحد والاضطرابات النفسية التي يحتاج مرتاديها للعناية المختصة مما يخفف عنهم ويوفر راحة أكبر لهم.
بركة المنزل هم كبار السن، وبهجة المكان وقدرنا الأجمل وعبق الماضي الجميل وحكايا نشتاقها ومساءات فواحة بحضورهم، هم الأجر والعافية ورضى الله، والذين يعتبرون العمود الفقري للمنزل ما لم يمنع بقاءهم مع بعض الأسر ظروف قاهرة ذكرتها في مقالي.