د. خيرية السقاف
أوراق الأشجار بمختلف أنواعها، وفصائلها، ومجموعها، ومفردها، وعقيمها ومزهِرها، ومثمِرها خضراء اللون،
ما اختلفت تفاصيلها، وتشكلت زهورها، وتغيرت أحجامها، وأطوالها، كثافتها، ورقتها..
هذا الخضار المشاع سمة الحقول، والبساتين، والمزارع، والمروج،
وأول علامات الرواء، ومنازل المطر، ومنابع الماء، وصحة التربة..
تُنعَّم به العيون، وترتاح بالنظر إليه النفوس..
تستقر عنه أنفاس الراحة في رئات الشاهقين نسائم تمر به،
تكتنز برائحته،
تمرر مسرى الطمأنينة في العروق،
تأخذ بقايا الفائض من الأثر الحزين، أو القلق المزعج، أو التوتر الحارق، أو الحزن الدافق لتخرجها مع زفرة طويلة تُستبدَل بالخضراء الآتية من الشجر،
حتى إن كانت شجرة واحدة يتيمة نبتت، وكبرت، وظللت تقف في زاوية مهملة من طريق!!..
لا يُفقد الاخضرار إلا بالجفاف، بالإهمال، بالاحتراق!!..
الإِنسان كالشجرة، وكل الناس أشجار!!..
قد يكون أخضر فطرة كماها، فيرعاها!!
وقد يتجمل تصنعًا ليكون أخضرَ كما أوراقها، يجف حين تجف نفسه،
ويحتُّ احتراقًا حين يحرقه ضعفه..
من يتخيل الإِنسان الشجرة من كل هذه الكتل المنتشرة على الأرض من البشر،
أخضر باهيا، تطيب به الحياة؟!..
الإِنسان الشجرة، الإِنسان الأخضر حلم يراود المخيلة..
وربما يراود أيضًا كل ما على الأرض من كل الذي يتفاعل معه منها!!
بعد أن طمس على الاخضرار في أي اتجاه يكون له المسار!!..