د. خيرية السقاف
بين يدي مخطوط كنت قد كتبت موضوعاته عن «أبجديات» مررت بها في تجربتي مع التدريس في الجامعة، أسميته» قطاف الأبجديات»، ولأنني تعودت الكتابة وما أعبأ بالرجوع لدفعها لناشر تكون عنه بين أيدي المريدين، فقد أخذت أضيف إليه كلما عنت لي الذاكرة بأمر، أو كلما تكونت مضغ الأفكار في ذهني أجنة، أودعتها محضن الورق..
وما أشاء أن يحدث لها ما حدث لقليل ما نشر لي مطبوعاً، إذ لم يكن لي في نشره رأي، ولا علم، بل جاءني مطبوعاً، منشوراً، حتى إنني اعترضت على شيء منه لم يكن في ظني أن ينشر على ما هو عليه..
اجتهد في ذلك من شاء أن يجتهد مشكوراً، وجاءه مني الامتنان..
بالأمس طفرت فكرة «قطاف الأبجديات» لذاكرتي، فأخرجت مسودة المخطوطة وأخذت أعيد القراءة في مضمونها، تذكرتها بوجود من يثير الآن جدل الحديث عن أساتذة الجامعة، ومدى ما تحقق أساليبهم في التدريس من كفاءة التحصيل، وما عليه نتائج عطائهم، ولأنه لا تزال غائمة لدى أغلبهم مهمة أستاذ الجامعة وهو داخل حيز درسه، وبين مريديه، ولأن الكثير منهم لا يزالون يعتمرون درجاتهم العلمية كما وصفتها من قبل» القبعات التي تميل مع الريح، وقد تسقط معها»، ولأن الحقيقة أن غالبيتهم يكتفون بما لديهم من الخبرات عن التدريس فيلقون محاضراتهم، ويعيدون طلابهم إلى مراجع يختارونها هم، ويفرضون على الدارسين محاور محددة، ومراجع بعينها، والحديث معهم من قبل طلابهم لا يتاح، والتأخر قليلاً عن محاضراتهم مقصلة، ومناقشتهم «تعد»، ورفض آرائهم» وقاحة»، وأعذار طلابهم «وهما»، وإنسانية طلابهم مغفلة، وساعاتهم المكتبية «في اجتماع»، بل هناك من يجهل وجوه طلابه، وقد تكدست القاعات، وكثرت قوائم الأسماء، ما يزيد الأستاذ الجامعي فسحة لأن يتمادى في الفجوة بينه وبين طلابه..
وعلى الصعيد الآخر هناك الأستاذ الجامعي المتمكّن من خبراته، المرن في تعامله، الواعي بحق عمله، وطلابه، المتميز علماً وتدريساً، من تكبله الأقسام باللجان، وبالإرشاد، بل يكون موقع ضغط، يُحمل ما لا يطيق، توضع له العراقيل، فلا يملك وقته ليخلص لطلابه، أو يولي بحثه وقته، وهناك، وهناك..
كثير من نماذج وجدتها في القطاف، مررت بها في الجامعة، وأمر بها عن تجارب من أعرف، ومن أصغي إليه جميعها بلا أقنعة..
ثمة ما استدعى زفرة طويلة لم أتبين مستوى حرارتها حين تقافزت نماذجهم بين عيني
وقد أخذت أضيف للقطاف ما استجد منهم!!..
«أساتذة الجامعة» موضوع ذو بال، وإنهم لا بد أن يبسطوا للحقيقة مجراها، ويتجاوزوا محرقة السَّفود!!