قال الشاعر:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق
منذ طفولتنا تعلمنا بأن من يخالف أمر الدولة هو مخالف لكل القيم والفضائل ومخالف لكل ما من شأنه الرفع من مستوى الفكر والعقل، لأن مخالفة الدولة وأهدافها وولاة أمرها من الأمور التي نهى عنها الإسلام وحرمها وجرم مرتكبيها؟ كما أن إفشاء السر أو نشر الفضائح عبر وسائل الإعلام كافه أمر محزن يوضح للأعداء أن هذه هي قيمنا وهذه هي أخلاقياتنا وهذه هي حياتنا، إن الإعلام يجب أن يكون واقفاً بكل أجهزته مع الدولة ينشر ويبين مكانتها وهيبتها وأهدافها وغاياتها النبيلة التي حفظت للإنسان كرامته، وحافظت على حقوقه ومكانته.
إن مجتمعا ينهل من الدين منهجاً ودستوراً ويأخذ من العرف والعادات والتقاليد كل ما هو متوافق مع العقيدة ومع كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- يستحق أن تحفظ خصوصيته وألا يتم تصيد أخطائه ومن قبل من؟
لو سألت أي مواطن سعودي حتى أولئك الذين يقيمون في الصحراء عند إبلهم ومواشيهم عن الحرية لقالوا نعم للحرية التي خلق الله عليها البشر لأنهم جاءوا إلى الدنيا أحراراً؟ وبالمقابل سيقولون بصوت واحد.. لا وألف لا للحريات المنفلتة التي تدمر بناء ورسوخ الفضائل لأن كل ما يخدش حياء الأمة وسمعتها وهيبتها ومكانتها هو أمر لا يمكن قبوله على الإطلاق، إذًا كيف نريد من يحملون في قلوبهم الشر على هذه البلاد وأهلها أن يصمتوا ويتركوننا في شأننا ونحن نقول لهم هذه حالنا وهذه هي حياتنا وهذه أخلاقيات شعبنا.
ألم يدرك هؤلاء أن أكثر الهزائم عبر التاريخ كانت بسبب كشف الأسرار ونشر المعلومات التي يبحث عنها العدو الذي لا يهمه على الإطلاق استقرارنا وتكاتفنا ومحبتنا لبعضنا البعض والسير بخطى ثابتة خلف قيادتنا وأمننا ورخائنا بل الذي يطمح له هزيمتنا وها هم الأعداء يسخرون الأموال والأقلام ليتمكنوا من معرفة أخطائنا باحثين عن كل المعلومات التي تؤدي إلى ذلك، فما بالك عندما نقدم لهم عبر وسائلنا كل ما يبحثون عنه على طبق من ذهب؟ إن كل من يقوم بإفشاء أسرار الدولة أو المجتمع لا يمكن أن يكون لبنة صالحة، بل إن ذلك العمل من أعمال الجواسيس والخونة الذين لا يراعون للقيم والأخلاق وزناً إلى كل من ينصب نفسه ضد وطنه مدعياً بالحرية أن هذا التوجه السيئ لا يأتي إلا من شخص ينتمي إلى طابور المأجورين والعملاء والحاقدين، ولهذا فإننا لا نريد لكل من تربى في هذه البلاد ونهل من خيراتها أن تنطبق عليه هذه المواصفات السيئة؟
فهل حان الوقت لحفظ أسرار وأخبار المجتمع والنشر عبر وسائل الإعلام عن كل ما يتمتع به من فضائل ومكارم أخلاق وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف وحماية الموروث وصلة الرحم وصون المحصنات وحماية المقدسات وتشجيع الشباب على التمسك بالقيم وإعطائهم الصور الناصعة عن السلف الصالح؟ إننا من المنتظرين.