أ.د.عثمان بن صالح العامر
أذكر أنني في مثل هذه الأيام من عام 1433هـ كنت في ماليزيا برحلة عائلية، وكان الملحق الثقافي هناك إبان ذلك التاريخ صديق عزيز ولي معه تواصل دائم، لما علم أنني استقريت في العاصمة كوالالمبور - بعد رحلة سياحية ماتعة في أرجاء هذا البلد الجميل - اتصل بي ودعاني إلى مرافقته لصلاة الجمعة في مسجد السفارة حيث يجتمع السلك الدبلوماسي السعودي بعد الصلاة عند سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى ماليزيا في مكتبه الواقع بجوار المسجد، وبالفعل صلينا هناك ثم كان اللقاء بسعادة السفير، وكان من بين ما طرح في تلك الجلسة - التي كان عدد الموجودين فيها لا يتجاوز أصابع اليدين - موضوع الاستعداد السعودي لقضاء شهر رمضان المبارك الذي كان في تلك الأيام على الأبواب، والآلية المقترحة لتوزيع ما وصل من مصاحف وتمر وماء زمزم على المسلمين الماليزيين فالكل يتصل يطلب إعطاءه ما اعتاد عليه كل عام.
حينها شكرت الله عز وجل أن تكون سفاراتنا عنواناً للعطاء ومكاناً للقاء وهي من يتبنى قضايا المسلمين، ويقف ويساعد المحتاجين، ويباشر نصرة المظلومين، ويرشد وينصح التائهين عن منهج الإسلام الصحيح من خلال منبر الجمعة الذي يتوافد إليه جمع المسلمين من كل جنس ولون وبلد.
لقد حاولت إيران أواخر القرن العشرين المنصرم أن تقوم بهذا الدور، وبالفعل للأسف الشديد استمالت نفوس البعض من المسلمين، واستدرجت البعض الآخر بطرق ملتوية لا تخفى، وأغرت الثالث والرابع والخامس والسادس، ولكن أراجيفهم وخداعهم وأباطيلهم التي سوقت لها بعض سفاراتهم سرعان ما تلاشت وذهبت جهودهم الخبيثة أدراج الرياح ولله الحمد والمنة. وتعزز دور السفارات السعودية في العالم أجمع في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز فصرنا نقرأ عن مواقف مشرفة للبعثات الدبلوماسية السعودية مع الأشقاء الخليجيين والإخوة العرب والمسلمين المهجرين جزماً سيخلدها التاريخ وستكون عنواناً جميلاً لمواقف وسلوكيات سطرت باسم بلد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، ولعل من بينها ما تتحدث عنه وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام من موقف السفارة السعودية في السودان مع الشباب الكويتيين الذين كانوا في رحلة قنص وحدث الانقلاب في السودان، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وما كان منهم إلا أن طرقوا باب السفارة السعودية هناك فرحبت بهم ويسرت لهم عودتهم لأهلهم وديارهم سالمين غانمين وهذا ليس بكثير، ولَم يكن سوق هذا المثال من باب المن والافتخار، ولكن لأدلل على المنزلة التي احتلتها سفاراتنا في قلب كل محتاج ومضطر سواء أكان خليجيا أو عربيا مسلما فضلاً عن أن يكون سعوديا، ولذا بقي وسيبقى الإنسان السعودي عزيزاً وله وضعه المتميز في أي بلد حل فيها وفيها سفارة سعودية، فالشكر لحكومتنا الرشيدة، لسفرائنا الأجلاء، وبعثاتنا الدبلوماسية ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.