الأردن - عمّان - «الجزيرة»:
أقامت سفارة المملكة لدى الأردن مساء أمس الأول، بالتعاون مع منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، ندوة بعنوان «رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وأثرها الثقافي والاجتماعي». تحدث خلال المحاضرة كل من: عضو مجلس الشورى الأكاديمي المختص بالإعلام الدكتور محمد الحيزان، ورئيس تحرير صحيفة الوطن الدكتور عثمان الصيني، وقدمها وأدار الحوار مع الجمهور الدكتور بدر الماضي. وشهدت الندوة حضورًا وتفاعلاً من العديد من النخب السياسية والفكرية الأردنية.
وكشف المتحدثان عن جوانب من التأثيرات والانعكاسات الثقافية والاجتماعية التي أفرزتها «رؤية 2030»، لافتَين إلى تحولات كبيرة، وعلى أكثر من صعيد، من جراء انفتاح المملكة التي تطمح إلى إيجاد ديناميكية مع عجلة الإنتاج.
وقال عضو مجلس الشورى الدكتور محمد الحيزان: إن المحاور الرئيسية لرؤية السعودية 2030م تركز على (3) محاور، هي: مجتمع حيوي واقتصاد زاهر ووطن طموح. مضيفًا بأن الرؤية تبدأ من المجتمع السعودي، وإليه تنتهي.
وبيَّن أن الرؤية تغلف تفاصيل المجتمع بكل تفاصيله، وأن المجتمع الحيوي ينبثق من أهمية بناء مجتمع حيوي، يعيش أفراده ضمن المبادئ الإسلامية، وضمن منهج الوسطية والاعتدال. موضحًا أن تشديد الرؤية على الوسطية والاعتدال يقطع الطريق على أي تشكيك.
وأشار إلى أن جميع التغييرات المطروحة في رؤية 2030 ستتجسد بمشاريع وبرامج سترى النور، وتستهدف جعل المجتمع السعودي به أريحية ومرونة بالتفاعل مع الحكومة؛ فالرؤية جاءت لإنهاء حالة كان يصفها بعض الأشخاص بأنها تناقضات بين المواطن السعودي داخل بلاده وفي الخارج.
ولفت إلى أن كل ما كان يتمناه المواطن السعودي أصبح يتحقق بشكل سريع، مؤكدًا وجود تجاوب من أفراد المجتمع السعودي مع الرؤية.
وشدَّد على أن المجتمع السعودي انفتح على المتجمعات الأخرى؛ فعند السماح بتنظيم الفعاليات الفنية والثقافية كان مفاجئًا للغاية؛ فالتغير انعكس بشكل إيجابي على المجتمع السعودي، وأصبح يعيش بوضعه الطبيعي. مؤكدًا عدم تسجيل أي ملاحظة على اختلاط الجنسين في المملكة.
وأكد أن مَن وضع الخطة قرأ بعمق المجتمع السعودي، وتقبُّله للتغيرات القادمة، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على إنتاجية المجتمع السعودي، وتفاعله مع الحكومة؛ فالمجتمع السعودي انتقل من مرحلة الدولة الريعية إلى مرحلة الواقعية وتقبُّل فرض الضرائب، وحتى التغيرات في أسعار الطاقة.
وقال إن المجتمع السعودي كان في السابق يعيش حالة من القلق حول المستقبل، ودائمًا كان يتردد سؤال «ماذا بعد النفط؟ وكيف سيكون مصيرنا بعده؟».
وأضاف بأن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - أحدث تغيرًا كبيرًا في المجتمع السعودي ومستقبل المملكة. مشددًا على أن الجميع كان يسأل في السعودية عن مصير الحكم بعد وفاة أبناء الملك المؤسس، ومَن سيخلفهم؟ لكن لحكمة وإدراك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لهذه المسألة قام بتهيئة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي يمتلك شخصية فذة وطموحة لتولي المرحلة. مؤكدًا أن هذا الأمر انعكس على إنتاجية المجتمع السعودي، ودفعه للأمام.
وأشار إلى أن هذه الخطة جاءت عقب العديد من الخطط الخمسية التي أدت دورها فيما يتعلق بالبنية التحتية. مشيرًا إلى أن السعودية ابتعثت نحو نصف مليون طالب للخارج لكسب معارف وسلوكيات، ستنعكس على المملكة بشكل كبير في المستقبل.
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة «الوطن» الدكتور عثمان الصيني إن الرؤية ارتكزت على الاستفادة من العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، والموقع الاستراتيجي الجيوسياسي للمملكة. وأضاف بأن الرؤية فتحت أمام الشاب السعودي فرصًا جديدة للإبداع، وقال إن رؤية 2030م عندما أُطلقت، وتم المباشرة بتنفيذ مشاريعها ومبادراتها، كنا نردد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية؛ فالمجتمع عاصر الحياة الرتيبة، وجاءت الرؤية وفيها ما كان يطمح له المجتمع السعودي منذ زمن.
وأضاف بأن الرؤية كانت لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وباركها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وبقية القيادات، وسُميت برؤية السعودية، وارتكزت على 3 محاور أساسية: الأول استند إلى العمق العربي والإسلامي؛ فلم تقم بعملية انكفاء داخلي لتحقيقها كما حدث في العديد من الدول عربيًّا وعالميًّا، فيما انفتحت السعودية على العالم مستندة إلى العمق العربي والإسلامي.
والمحور الثاني للرؤية - بحسب الصيني - كان الرؤية الاستثمارية للسعودية؛ فالمملكة هي دولة ريعية نفطية، تعتمد عليه، وعند انخفاض أسعار النفط كان المجتمع السعودي يعيش أزمات كبيرة، كان آخرها قبل إعلان الرؤية، ونزول أسعار النفط لنحو 25 دولارًا للبرميل من فوق 140 دولارًا، مع عدم وجود مصدر دخل حقيقي آخر غير النفط، وذلك بالتزامن مع إنفاق رأس مالي حكومي كبير، يستنزف الميزانية السعودية.
ولفت إلى وجود ثروة معدنية كبيرة في السعودية، لكنها لم تُمس أبدًا. مشيرًا إلى أن السعودية تحتوي على العديد من الأماكن السياحية؛ فهي ليست صحراء. وتنفق الأسر السعودية والسياح بشكل عام عشرات المليارات على السياحة في الخارج مع امتلاك مقومات كثيرة لصناعة سياحة متقدمة في الداخل.
أما المحور الثالث فيركز على الموقع الجغرافي للسعودية، ولمنطقة الشرق الأوسط؛ إذ إنه استراتيجي، ويتوسط 3 قارات. مبينًا أن 40 % من الحركة الملاحية البحرية تمرُّ عبر البحر الأحمر، وشواطئ البحر الأحمر، وهي تحوي جمالاً كبيرًا، وهو سبب إنشاء مشروع البحر الأحمر.
وعن مشروع نيوم قال الصيني إن العالم كله يتجه حاليًا للذكاء الصناعي والروبوت، ولا نريد أن تكون المملكة خارج هذا العالم، وتكون مجرد مستهلك؛ فمن المتوقع أن تتفوق الصين على أمريكا في حال حققت النجاح في مشروعها للذكاء الصناعي، والسعودية تريد أن تقود المنطقة للمستقبل الحقيقي القادم، ولا تكون خارجه.
وأضاف بأن موقع مشروع نيوم الثلاثي المشترك الذي تقوده السعودية، ويوجد به جزءٌ في الأردن، وجزء في مصر، جاء ليكون منارة إشعاع للمستقبل، ليس مجرد حلم، وإنما هو لتحقيق الأحلام الكبيرة؛ فأكبر العقول في العالم جاءت لتقول هذه هي المنطقة الذكية في المستقبل.
وبيَّن أن المملكة استثمرت في سوفت بنك بصندوق رؤية سوفت بنك التي وصل مجموع استثمارات الصندوق فيها نحو 100 مليار دولار، وحقق الاستثمار أرباحًا تشغيلية، وصلت إلى 60 %، حسب إعلان فبراير الماضي. وهذا الاستثمار هو جزءٌ من قوة السعودية الاستثمارية، وهناك جزء يركز على جذب الاستثمار للسعودية بالقدر الذي يتجه فيه للخارج.
ولفت إلى أن العالم يتحرك لمناطق جديدة، وأصبحت أمريكا تتجه لدول شرق آسيا، وإلى الدول العربية بدلاً من أوروبا؛ وذلك لأنها لم تعد كما كانت في الماضي؛ فالسعودية في قلب العالم العربي مثلما هي قلب العالم الإسلامي، والشرق الأوسط في قلب العالم.
وبيَّن أن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - قال خلال ملتقى الاستثمار أواخر عام 2018م: إن العالم العربي هو أوروبا الجديدة.
وأكد أن جسر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - هو المحاولة العربية لكي تكون التجارة بين الشرق والغرب ليست بعيدة عنها؛ فهو يربط شمال الجزيرة العربية والأردن والعراق بأوروبا وإفريقيا، وهو الطريق البري الرابط بين العالم العربي وأوروبا وإفريقيا بسياراته وقطاراته.
وقال إن السعودية أصبحت تتجه للجانب الشامل للثقافة بدلاً من الشعر والأدب فقط.
وأضاف بأن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة أزال أمرًا كبيرًا، كان يحرج السعودية بين دول العالم.
وبيّن أن فتح أسواق العمل أمام المرأة ساعد في تغيير الحراك الاجتماعي؛ فالمرأة كانت نصفًا معطلاً، لا تستطيع أن تعمل أي شيء، والآن أصبحت منتجة وفاعلة بالمجتمع. مشيرًا إلى أن معدلات البطالة في السعودية بدأت تنخفض.
ولفت إلى أن المملكة ضمن عملها لتحقيق الرؤية قامت بتعديل مشاريع، وحصر المجالس العليا بمجلسَين فقط؛ ليصبح القرار يتخذ من القيادات العليا. وهناك جهة عليا، أصبحت تقيّم عمل المسؤولين والإدارات من خلال هيئة قياس الأجهزة الحكومية.
وأشار إلى أن التغير في السعودية تُلمس آثاره بشكل يومي، وسيكون لكل مدينة سعودية خطط تنموية، وبدأ ترتيب السعودية في مؤشر السعادة العالمي يتقدم للعام الثالث على التوالي.
وفي ختام الحفل قدم نائب السفير السعودي في الأردن محمد العتيق دروعًا تكريمية لمؤسسة عبدالحميد شومان وللمحاضرَيْن.