د.عبدالعزيز الجار الله
أدت الحروب الأخيرة في الشرق العربي في العراق ودول الخليج العربي إلى قطيعة سياسية بين بعض دول الخليج ومنها المملكة -قطيعة - مع العراق حوالي 30 سنة بدأت من غزو العراق للكويت عام 1990م ثم احتلال أمريكا للعراق عام 2003، ثم ثورات الربيع العربي عام 2010 وسيطرة إيران على القرار السياسي في العراق قبل أن يلتقط العراق أنفاسه عام 2019م في ظل انشغال إيران في قضاياها الداخلية نتيجة الحصار الاقتصادي من أمريكا ومن المؤيّدين لسياساتها ضد إيران التي افتخرت أبان الربيع العربي أن طهران تحتل أربع عواصم عربية هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
لذا تمت بين المملكة والعراق شبه قطيعة سياسية واقتصادية واستثمارية واجتماعية والتعاون المشترك استثمرتها إيران إلى أقصى درجات الاستغلال، حتى جاء الملك سلمان - حفظه الله- عام 2019م ليعيد العراق إلى محيطه العربي الذي اختطفته منه إيران منذ عام 1990م وتوثيق الصلات بين البلدين عبر اتفاقيات بين البلدين يوم الأربعاء الماضي أثناء زيارة رئيس وزراء جمهورية العراق عادل عبدالمهدي، ونتج عنها توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجال المشاورات السياسية، وحماية المنتجات والاستثمار والزراعة والصناعة والثروة المعدنية والنفط والغاز والطاقة الكهربائية والنقل البحري وتنظيم الركاب ونقل البضائع على الطرق والعلمي والتعليمي والثقافي والفني وجدوى الربط الكهربائي، وسبق هذه الاتفاقيات زيارة الرئيس العراقي للسعودية الرئيس برهم صالح قاسم أول نوفمبر 2018 وزيارة الوفد الاقتصادي والتجاري السعودي إلى بغداد أبريل 2019م.
هذه الخطوة من المملكة والعراق هي الخطوة الصحيحة بين بلدين تقاسما الهموم العربية والمصالح المشتركة من الألف الثالث قبل الميلاد من الهجرات السامية بين الجزيرة العربية وبلاد العراق والشام وتقوَّت أواصر وروابط الأخوة بعد الإسلام حين انتقلت عاصمة الخلافة الإسلامية من المدينة المنورة إلى الكوفة في الخلافة الراشدة في أوائل القرن الأول الميلادي، ثم قيام بغداد بدور عاصمة الخلافة العباسية من أوائل القرن الثاني حتى منتصف القرن السابع وتولى العراق فتح ونشر الإسلام في إيران وآسيا الوسطى حتى قيام ثورة الملالي في إيران عام 1979م، واليوم يعيد الملك سلمان العراق إلى حضن العروبة والإسلامية بعيداً عن مغامرات إيران التي حوّلت العراق في السنوات الأخيرة إلى حديقة خلفية لسياساتها واقتصادها.