فهد بن جليد
دخول حملة (المليون متطوِّع) لموسوعة (غينس) للأرقام القياسية ليس هو الهدف الأهم، من إطلاق وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لمُبادرة تشكيل بشري لكلمة (متطوّع) المنتظر أن تقوم به النساء -بعد غد الخميس- في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض، القصة الأهم والأكثر تأثيراً -برأيي- هي الإعلان عن احتساب الساعات التطوّعية التي ستتقدم بها المُشاركات وتوثيقها في الموقع، تقديراً لجهودهن التطوّعية، من المؤكّد أنَّ تسجيل رقم قياسي جديد وتوثيقه على الموسوعة العالمية سيلفت الانتباه لمثل هذه المشاريع والمُبادرات الوطنية الخلاَّقة، التي تتوافق وتنسجم مع رؤية المملكة 2030 للعمل التطوّعي، ولكنَّ تسجيل وتوثيق (ساعات التطوّع) هي الخطوات العملية التي ستُحدث الأثر المُرتقب في صفوف المتطوّعات، وتزيد من دوافع ومُبرِّرات العمل التطوّعي في المجتمع السعودي خصوصاً بين صفوف الشباب، لناحية جعله هدفاً سامياً يقوم به الشخص عادة دون إجبار.
وهذا لا يعني بكل تأكيد سرقة جهود المتطوّعين مجاناً ودون مُقابل مادي أو معنوي يُذكر -كما كان يحدث في وقت من الأوقات- عندما لم يكن هناك تنظيم واضح للعمل التطوّعي بتسجيل ساعاته وتوثيقها، ما فتح الباب لاستغلال بعض منظمي المناسبات والمؤتمرات -من الشركات والجهات وحتى الأشخاص- لحماس وطاقة وتفاعل الشباب من الجنسين، ورغبتهم في تقديم أعمال تطوّعية، تعزِّز سيرتهم الذاتية وتُساعدهم في كسب الخبرات العملية اللازمة، ما جعلهم عرضة للتطوّع غير الموثق والمُجزي، والذي هو في الأساس مهام وأعمال تنظيمية تم احتسابها مالياً ضمن عقد الحصول على حق تنظيم المناسبة، ولكن هؤلاء يزيدون مكاسبهم بالتوفير أكثر بجهود المتطوّعين دون توثيق عملهم أو حتى تشجيعهم أو تنظيم دورهم ومهامهم وكسبهم الاحترافية المطلوبة، لذا وجود منصة إلكترونية فعَّالة للتطوّع تحت إشراف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية سيحفظ حقوق الجميع، بحساب الساعات، وتسجيل البيانات، وفتح بوابة مُيسَّرة وسهلة الخطوات للمُشاركة إلكترونياً وبشكل آلي، لتنظيم العلاقة بين المتطوّع والجهة المُستفيدة من ساعاته وخدماته التطوّعية، لتبقى الوزارة كجهة رقابية مُنظمة ومشرفة.
علينا مع كل هذه التطورات والأفكار التنظيمية والتشريعات المنتظرة، والمُبادرات التي تعمل عليها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الانتباه لنقطة مفصلية في هذه المنظومة -برأيي- وهي الحفاظ على الرسالة السامية والمعاني النبيلة للعمل التطوّعي الحقيقي، وإبقائها كما هي في نفوس المتطوّعين، بجعله أكثر سهولة وتمكين الجميع من الانضمام للأعمال التطوّعية بما يخدم مجتمعهم، والشعور بأنَّ لديهم مهما اختلفت -قدراتهم وتخصصاتهم وطاقاتهم- ما يُقدِّمونه للوطن والمُجتمع بكل تفان وحب.
وعلى دروب الخير نلتقي.