يوسف المحيميد
كلما زرت معرضًا تشكيليًا في أي بلد، عقدت مقارنة مع الفنانين السعوديين، لماذا يعمل الفنانون العرب حتى آخر لحظة من حياتهم، حتى إن أحدهم لفظ أنفاسه وهو يعمل على الكانفاس، بينما كثير من الفنانين لدينا نفسهم قصير، يكتفي بعضهم بحضور المعارض والتقاط الصور التذكارية مع الحضور، وبعضهم يختفي من المشهد تمامًا، لقد أطلقت المصرية زينب سجيني قبل عام معرضًا لأعمال جديدة وقد تجاوزت الثمانين عامًا، وعمر النجدي الذي رحل قبل شهر والذي شارف التسعين عامًا وهو يعمل بحب وشغف حتى آخر لحظات حياته!
في الأسبوع الماضي زرت معرضًا تشكيليًا للفنان المصري صلاح عناني، وهو فنان الكاريكاتير المعروف في مجلتي روز اليوسف وصباح الخير سابقًا، وقد تركهما منذ سنوات طويلة ليتفرغ للتشكيل، ببصمة وأسلوب فني لافت ومختلف، وقبله فنان الكاريكاتير المصري بهجوري، الذي رسم للصحيفتين ذاتهما، وتحولا الآن إلى قائمة مشاهير الفن التشكيلي في مصر والعالم العربي، وكرسا بصمتيهما وأسلوبهما الخاص على نطاق واسع.
خرجت وأنا أتساءل، لماذا تحترق المواهب عندنا سريعًا؟ لماذا تختفي بهذه السرعة؟ أين ذهب الفنان المميز محمد الخنيفر، برسومه الكاريكارتيرية الجميلة، التي يجسد بها المجتمع السعودي، خاصة منطقة نجد، بشخصياتها ونسائها وتقاليدها، لماذا لم يطور تجربته بعدما كرس اسمه وموهبته في صحيفة «الجزيرة»، لماذا لم يفتح نافذة جديدة في الفن التشكيلي كما فعل مع الكاريكاتير، كي يكرس أسلوبه المتميز؟ وأين الفنان الآخر، إبراهيم الوهيبي، صاحب الخطوط والألوان الجميلة، بعد أن ترك صحيفة الرياض؟ لماذا لم يعمل على الرسم التعبيري، وقد أهداني لوحة بورتريه منذ سنوات بعيدة ما زلت أحتفظ بها، وهي توحي بموهبة فذة في الأسلوب الانطباعي؟ لماذا لم يصبح هذان الاسمان بهجوري وعناني الفن السعودي؟ هل المشكلة فيهما وإهمالهما لموهبتيهما؟ أم في المجتمع الذي كان لا يُعنى بالفن التشكيلي؟