«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد محلل السندات بـ«الجزيرة» أن شركة الاتصالات السعودية فاجأت المستثمرين الدوليين والمراقبين باختيارها هيكلة «متطورة» لصكوكها، تختلف عن الأصول التقليدية التي تختارها شركات الاتصالات الأخرى في آسيا والخليج، التي من المنتظر أن تختتم خلال الساعات القادمة اجتماعاتها؛ إذ إن هيكلة الصكوك التي اختارتها الشركة تعود جذورها إلى الصكوك «الهجينة» التي سبق أن طرحتها السعودية لأول مرة دوليًّا في 2017 إلا أن هذه الهيكلة رغم رواجها بين جهات الإصدار المحلية لم تحظَ بأي قبول من جهات الإصدار الخارجية.. إلا أن ما يعزز نجاح إصدار شركة الاتصالات السعودية هو النسخة المتطورة والمحدثة التي أضافتها إلى هيكلة الصكوك الهجينة «القديمة»، وذلك بإضافة عقد الإجارة (الذي سوف يأتي من تأجير أصول محفظة المضاربة).
وقال المصرفي المتخصص في أسواق الدَّين والائتمان محمد بن خالد الخنيفر: أستطيع أن أؤكد أن هذه الهيكلة قد أظهرت تحسنًا ملحوظًا من ناحية تعزيز الجوانب الشرعية بها (وذلك من دون الدخول بالتفاصيل الفنية). وفي حال ارتياح المستثمرين لهذه الهيكلة المتطورة عن سابقتها، التي تعود جذور تطويرها للمصدرين السعوديين، فإن ذلك قد يقود لتبنيها من جهات الإصدار الخليجية والآسيوية، وذلك لأول مرة.
دقائق المكالمات كأصول
وأضاف الخنيفر: وقبل أن تكشف شركة الاتصالات السعودية عن هيكلتها كان معظم المراقبين يعتقدون أن الشركة ستقتدي بخطوات شركات الاتصالات الأخرى التي استعانت بـ«دقائق المكالمات» كأصول للصكوك؛ وذلك لكونها (أي الأصول) تحتوي على تدفقات نقدية قادمة من المشتركين. أي إن حملة الصكوك سيحصلون على حق المنفعة المستقبلية لهذه الأصول المُدرَّة للدخل. فلو نظرنا إلى هذه الأصول غير الملموسة سنجد - على سبيل المثال - أن (STC) تسيطر على 46 % من الحصة السوقية الخاصة بدقائق مكالمات الجوال بالسعودية، وذلك بحسب نشرة الإصدار. أضف إلى ذلك أنه يمكن استخدام الأصول غير الملموسة والقادمة من باقات الإنترنت (شرائح البيانات مسبقة الدفع) التي يتم بيعها للمشتركين (وذلك في حال عدم وجود عوائق تنظيمية).
جدلية الهيكلة القديمة
وأردف الخنيفر قائلاً: إن هذا التقدم الملحوظ في تحسين الهيكلة الحالية للصكوك الهجينة يأتي بعد سلسلة من التحفظات التي أبديناها في السابق ومنذ 2017 على مسألة طرح الهيكلة الهجينة (أي القديمة) بالأسواق الدولية؛ وذلك لكونها تتسم بكونها بالغة التعقيد للمستثمرين، ولكونها تسهم في زيادة تكاليف التمويل مقارنة مع هياكل الصكوك الرائجة.
ففي 27 مارس 2017 (العدد 16251) أبدينا تحفظنا على استخدام هيكل الصكوك الهجينة الشائعة بالسوق السعودي، وقلنا حينها إنه «قد لا يكون من المستحسن تصدير «الخصوصية السعودية» لهيكل الصكوك للمستثمرين الدوليين الذين قد يتحفظون عليها، وقد يتقبلونها على مضض.
وفي الثاني من مارس 2018 (العدد 16591) أبدينا خشيتنا من أن يتسبب «الاعتماد الزائد» على هيكلة الصكوك الهجينة في زيادة كلفة التمويل على جهات الإصدار السعودية عندما تقترض بالدولار. وفي الخامس من يناير 2019 (العدد 16900) ذكرنا أن أكثر هيكلة صكوك تم اللجوء إليها في 2018 هي الصكوك الهجينة (عبارة عن مزيج بين عقد المرابحة والمضاربة). وهذه الهيكلة مقبولة داخل السعودية إلا أن آخر 5 سنوات قد أثبتت أن هذه الهيكلة لم تحظَ بقبول المصدرين الذين بالخارج. وعليه قد تأخذ هذه الهيكلة سنوات أكثر لكي تتقبلها صناعة المال الإسلامية (مع العلم أن المستثمرين الدوليين سيتقبلون مثل هذه الإصدارات إذا جاءت من جهات سيادية).