د. عبدالرحمن الشلاش
يقع أي مقدم على الزواج في فخين، الأول غلاء المهر والثاني تكاليف حفلة ليلة الزواج، ما أن يخرج من الأول إلا ويقع في الثاني. غلاء المهور يرتبط غالبا بالتقاليد وما تعارف عليه الناس في بعض المدن والقرى ولا علاقة له بالدين فالرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي رغب أن يتزوج المرأة التي وهبت نفسها للنبي التمس ولو خاتما من حديد ما يعني أن العبرة في المهر ليس دفع المبالغ الطائلة فالزواج ليس بيع وشراء بقدر ما هو رباط مقدس كلما تيسرت تكاليفه كانت الاحتمالية أكبر للاستمرارية وطول العشرة وحضور البركة.
أما حفلات الزواج فتصل تكاليفها لأرقام فلكية وهي بالنسبة لبعض العائلات الميسورة لا شيء لكنها تلحق الضرر البالغ بالعائلات المتوسطة والتي تحاول جاهدة محاكاة الميسورين فتقع في فخ ديون لا تخرج منه بسهولة إذ قد يحتاج المعرس مع أهله سنوات لسداد ما عليه. رغم أن هناك محاولات بذلت للاقتصاد في حفلات الزواج حين لجأت بعض الأسر في مدينة الرياض لإقامة تلك الاحتفالات بحضور الرجال فقط وكانت ناجحة إلى حد ما إلا أن كثيرا من المدن والقرى ما زالت تستمطر البذخ في حفلاتها بإقامة الولائم الكبيرة والتي يأخذ معظمها طريقه إلى صفائح الزبالة أكرمكم الله عدا ما يقع في بعض الحفلات من زراعة بغيضة للرعب بإطلاق النار تعبيرا عن فرح قد يتحول إلى ترح.
كنت في الصيف الماضي في دولة عربية ولم يقلل من جماليات حفل الزواج الذي حضرته أنه قد أقيم في ميدان مفتوح وأن ما قدم من ضيافة لم يكن أكثر من بعض العصائر والمشروبات وبعض الشطائر والفطائر والفول السوداني فقد انهمك الناس في حالة تعبير فرائحية عارمة إلى منتصف الليل. لو حسبت التكاليف فقد لا تتعدى الخمسة آلاف ريال لكن الأرواح المبتهجة أحالت المناسبة إلى كرنفال لا تعرف الرتابة إليه سبيلا، وهو ما يعني أن الفرح والبهجة والسرور لا تتوقف على صرف المبالغ الطائلة والإسراف بقدر ما تتوقف على تفجير الطاقات الداخلية لصناعة سعادة روحية.
لا يمكن أن نغفل عن بعض المحاولات الاجتماعية لحل معضلة الزواج وتكاليفه ومنها جهود لبعض القبائل في جنوب المملكة وكذلك في شمالها بتحديد المهور وتبسيط حفلات الزواج إلى درجة مقبولة تقل فيها التكاليف وينثر فيها الفرح المباح والتخلي عن العادات والتقاليد المعيقة للزواج فيسروا ولا تعسروا.