مشكلتي يظهر أنها مختلفة، فأنا أعمل (.......)، متفانٍ في عملي، وأقضي إلى وقت متأخر خارج الدوام للإشراف على الصيانة وإكمال التجهيزات، وأقوم بنفسي في تدريب الموظفين لتطويرهم ورفع كفاءتهم.. إلخ... مشكلتي تكمن في أن أغلب أعمالي سواء كانت مشاريع تطويرية أو حتى أفكار خلاقة تُسرق مني، حيث يقوم المسؤولون بتبني المشاريع وسرقة الأفكار ونسبتها إلى أنفسهم، مع تجاهل اسمي تماماً، وعدم شكري ولو سراً، يفعلون ذلك وكأن الأمر مشروع، ومباح! وهذا لم يحدث معي مرة أو مرتين أو ثلاث بل يتكرر كثيراً إلى الحد الذي أصابني بالإحباط والشعور بالظلم والرغبة بالاستقالة والقعود عن الإنتاج والعمل.
- أولاً: أشكر لك جداً لإبداعك في تلخيص معاناتك، يبدو أنك من النوع المثابر الصامت، الذي لا يخلق بتصوره دراما الضحية.
- اسمح لي بإعادة تلخيص ما تمر به في مجال عملك: «في حين أنك قائم بالميدان تتفانى في تطوير عملك وموظفيك، فإنك أكثر دراية بالثغرات التي تنقص مجال العمل، وقد دفعك هذا دفعاً إلى اختلاق حلول وابتكار أفكار ووضع أسس لمشاريع بناءة،،، وهذا كله لا يرقى إليه من كان حبيس كرسيه، وهمه لا يزيد عن المحافظة عليه أو الإطاحة بكرسي آخر... هذا الجو المشحون بالغيرة والتنافس لم تألفه ولم تعتد عليه، ومن عالمك المخلص أعلنت عن أفكارك وحلولك واضعاً كل ثقتك فيمن أنيط بكاهله المصلحة العامة للمؤسسة، ولكنه لأنه لم يرتق إلى مرتبة النبل والنزاهة، ولم يتحرر من عبوديته لأناته، فمضى فيما اعتاد عليه من تدليس وزيف ناسباً أفكارك لنفسه,,, إلخ.
- أظنك ستعتقد أني سأبدأ بإلقاء اللائمة عليك؛ لعدم توثيقك لأفكارك، ولثقتك في غير محلها، ولكني أظنها دروساً لم ولن تفوتك!
- لن أبدأ من الخارج من عالمك الفيزيائي الذي يحيط بك، كمديريك الذين ينسبون أفكارك لأنفسهم ويمارسون معك السرقات العلمية أو الأدبية، فهؤلاء لن يفلتوا من قانون نصبه الله تعالى وبه تدار شؤون الحياة {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأنفسكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} الأسراء 7 ، فكم من سارق سُرق منه، وكم من ظالم سُلط عليه من هو أظلم منه،،،
- سأبدأ من حيث تكون البدايات الحقيقية؛ من داخلك! ولك أن تختار التحليل الذي يقترب من حقيقتك وحقيقة ما تواجهه بعيداً عن التبريرات المصطنعة:-
- لقد كنت محباً لعملك وهذا جعل منك رجلاً صبوراً مثابراً متفانياً معطاءً مبدعاً،،، وهذه بحد ذاتها قيم نبيلة، وحين أقول ذلك أعني أنها تنتج أفكاراً خلاقة إبداعية غير مألوفة... ولكن القيم لن تعود بالنفع على صاحبها ما لم تنطلق من نفس صالحة للغرس!؟ كيف ذلك؟.
لا يعني أني أتهمك البتة. ولكن هذه القيم لابد من أن تنطلق من غراسها وجذورها التي بداخلك وذلك لتهبها قوة داخلية وخارجية معاً. ومنبت ذلك وجذوره هو الحب.
سؤالي أنت أحببت عملك ولذا قدمت ما قدمت،،، ولكن هل بدأت بمن هو أولى من عملك بالحب؟ هل أحببت نفسك؟ هل قدمت لها من الكرامة والراحة والاعتبار والتقدير والمكافأة وما يحفظ لك توازنك ويحمي لك حقك؟
هنا تكمن جذور الحب وأسسه.
إن أنت أحببت نفسك، وعرفت قدرها، وحفظت حقها، تجد من حولك يفعلون معك الشيء نفسه. وإن أنت قدمت العمل والمدير والكل على تلك النفس المظلومة، سيعمل معك كل من حولك الشيء نفسه. ومن يحفظ لنفسه قدرها ثم حدث أن تطاول على حقه أحدهم هو لا يسكت عن حقه! يطالب به، يواجه المخطئ بفعلته. وأنت لم تفعل!.
- ربما أنك لم تعمل لصالح نفسك الحقيقية، وإنما عملت لصالح الأنا الزائفة، التي ربطت خطئاً بين قيمتك الحقيقية والمعنى من وجودك في الحياة وبين وظيفتك وعملك، فجاءت النتائج مخيبة لتعيدك إليها أي إلى نفسك الحقيقية بعد أن خذلتك نفسك الزائفة!.
- قد يعمل أحدنا عملاً، ومهما حرص سلامة نيته من عمله ذلك إلا أنه لا يخلو من الدخن، ولذا تجيء النتائج ممحصة، فعملك مثلاً كما قلت أنه بغية إصلاح وتطوير العمل والموظفين... أنت قد لا تقوى بمفردك على تحصيل هذه النتائج، إذ تحتاج لسلطة وهنا جاءتك السلطة تعزز من نتائج عملك، فغداً سيطبق جميع الموظفين قراراتك لأنها منسوبة إلى الوزير أو المدير العام أي السلطة العليا، وهذا أمر لا تناله ولا تقدر عليه بمفردك، فتنال أجر النية كاملاً منزوع منها دخن نصيب الأنا الزائفة!.
أمامك هذه الاحتمالات لابد أن تكتشف أيها ينطبق على حالتك. وإلا فإن الدرس سيتكرر كثيراً معك حتى تعالج أمر نيتك.
للتواصل عبر البريد الإلكتروني:
Hoda.mastour@Gmail.com.