إلامَ أُرَجّي الوَصْلَ من دونِ غايةٍ
وأُفني ليالي العمرِ صَبّاً مُلَوَّعا
أَبيتُ أخا سُهْدٍ أُداري صَبابتي
وتَعصِرُني الأشواقُ وَجْداً وأدْمُعا
إذا غامَ جُنْحُ الليلِ نادمتُ وحدتي
وأَسْرجتُ من خيلِ الأماني طَلائِعا
أمانٍ أُرجِّيها وأرجو نَوالَها
إذا ما تراءَتْ لي تولَّتْ رواجِعا
ألا ليتَ لي رَجْعاً لِلُقيا مُهَفْهَفٍ
حسينٍ تَحَلّا من سنا البَدْرِ بُرْقُعا
يَميسُ كغُصنِ البانِ عن فِتنةِ الصِّبا
ويرنو بطَرْفٍ حيثُما مالَ أَوْجَعا
تَعَلّقْتُهُ والعمرُ غضٌ ولم أَزلْ
ولوعا به والعُمرُ يَضْوي مُوَدِّعا
ومن قالَ يَبْلى الحُبُّ ما أَنصفَ الهوى
ولا هامَ في واديِهِ مُضْنىً وساجِعا
سلاماً على عَهْدٍ مَضى غيرَ عابِسٍ
سَقانا كُؤوساً من جَنى الصفوِ رُتَّعا
وأَدْنى علينا من أفاويقِ أُنْسِهِ
ظِلالاً كما لَفّ الغَمامُ البَلاقِعا
ليالٍ طَواها الدهرُ هَيهاتَ رَجْعُها
إذا طافَ بي منها سَكبْتُ المدامِعا
تعبتُ وأَتعبتُ الفؤادَ تَوَجّعا
وحسبُكَ ما يلقى الفؤادُ تَوَجّعا
ولمّا تَغامى الفكرُ في ظلَّةِ الهَوى
وضاقَتْ بيَ الدُنيا زماناً ومَوقِعا
أَفَقْتُ وللأيامِ في مفرقي خُطىً
تُبادلني بالليلِ صُبحاً مُشَعْشِعا
أقولُ لنفسي هكذا العمرُ ينقضي
نعيماً ولا أحلى وبؤساً مُروِّعا
ومن شِيَمِ الأيامِ إِنْ راقَ صفوُها
أَهالَتْ عليهِ من قَذاها نواقِعا
فَعِشْ بالذي يصفو على قَدْرِ صَفْوِهِ
وعن كأسِكَ المكدورِ غُضّ اللواذِعا
** **
- محمد السيد النعمي