د. حسن بن فهد الهويمل
هاتفني الأستاذ الدكتور (عبدالله بن محمد الغذامي) مبديًا أسفه لعدم علمه بوفاة ابنتي (أم سليمان)، وعدم تقديمه واجب العزاء.
جاء ذلك إثر تغريدتي التي أشعلت المواقع، وبلغ الداخلون عليها أكثر من أربعمئة ألف.
ولم أستغرب تلك الأخلاقيات من مثله. لقد عرفته عن قرب بعد أن تفضل أستاذنا (عبد الفتاح أبومدين) وصديقنا الدكتور (عبدالعزيز السبيل) بإصلاح ذات البين، وإزالة الجفوة التي خلفتها اختلافاتنا حول قضايا الأدب.
لقد عرفت فيه سلامة القلب، وسمو الأخلاق، والقرب من الله، والبذل في سبيل الخير.
دخلنا معًا معترك النقد في عنفوان الكهولة، ولم نحسن معًا إدارة الاختلاف. ولكننا نفضنا الغبار عن المشهد، ودفعنا بكل الأطياف لتقحم المعارك.
التف التراثيون إلى حزبي، والتف المجددون والحداثيون إلى حزبه.
وجاء من يقرأ المعركة قراءة غرائبية.
عدها البعض إقليمية، وعدها آخرون تواطئية للشهرة.
لقد تحولت إلى مرحلة تاريخية، تعد - بحق - إضافة إيجابية للمشهد الأدبي الذي سيطرت عليه المجاملات، وتبادل أنخاب الثناء.
ما يُحسب للدكتور (الغذامي) إقدامه الواثق على تبني بعض المذاهب النقدية الحديثة، وتجسير الفجوات مع أدباء الوطن العربي، وبخاصة عندما شد عضد أستاذنا (أبي مدين) في (نادي جدة الثقافي)، وأُقيمت ندوة (قراءة النص)، واستُضيف لها أمثال:-
عصفور، وإسماعيل، ومصلوح، وصلاح، وديب.
التحول النقدي في المملكة الذي أشعل فتيله (الغذامي) اعتمد على مصدرين:-
- (لطفي عبدالبديع).
- (قراءة النص).
لقد اهتزت النمطية النقدية في الجامعات، وفي المشهد النقدي.
ومما وسع هوة المناهج اللغوية في النقد حرص أقسام الأدب في الجامعات على استقدام المتخصصين في الألسنيات.
الغذامي من النماذج الأكاديمية المتميزة الذين تجاوزوا أروقة الجامعة، وتصدروا المشاهد الأدبية بأطروحاتهم المتميزة.
في مقدمة أولئك:-
الضبيب، البازعي، الشمسان، المزيني، القحطاني، المانع، الهدلق، الربيع، عسيلان، وعشرات من الزملاء والأصدقاء من كتّاب (الثقافية).
المشهد الأدبي بحاجة إلى معارك حامية الوطيس، تنفي التفاهات كما ينفي الكير خبث الحديد.
في (ملتقى النص) المجلد الأول قال الغذامي:
- أحترم الهويمل 100 %، وأختلف معه 100 %..
أما أنا فأحترمه 100 %، وأختلف معه في (المابعديات) و(موت النقد).
يظل الدكتور الغذامي قامة أدبية رغم الحِدَّة، والحَدِّية، والتحدي..!