حمّاد السالمي
تضم مناطق المملكة الثلاث عشرة أكثر من (91 مدينة) بين كبيرة وصغيرة. هناك مدينة جديدة من نوع جديد وبمواصفات جديدة سوف تصبح المدينة رقم (92) على خارطة المملكة. إنها مدينة (نيوم) العصرية الأولى من نوعها، ليس في المملكة فقط؛ ولكن في الشرق الأوسط والعالم، ذلك أنها سوف تصبح؛ إحدى أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية، وأول مدينة رأسمالية في العالم، إن (نيوم) هي المشروع السعودي الأضخم حتى اليوم.
ماذا تعني (نيوم).. أو (NEOM)..؟ إنها كلمة من جزأين. الجزء الأول يشمل الحروف الثلاثة NEO) :)، التي تعني بالإغريقية: (جديد)، والثاني حرف (M) منفصلًا، ويشير بالعربية إلى كلمة (مستقبل)؛ أي أن مفردة (NEOM) كاملة؛ تعني المستقبل الجديد.
مدينة نيوم؛ (NEOM)، مشروع سعودي كبير لمدينة حديثة عابرة للحدود في أقصى الشمال الغربي للمملكة، في التماس الجغرافي مع كل من مصر والأردن، وبمساحة إجمالية تصل إلى 36.500كم2، ويمتد 460 كم على ساحل البحر الأحمر. المشروع أطلقه الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي العهد السعودي، في يوم الثلاثاء 4 صفر 1439 هـ الموافق 24 أكتوبر 2017م. نيوم ليست مدينة عادية، لكنها تركِّز في تصميمها على 9 قطاعات استثمارية متخصصة هي: (مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقّل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة). إن منطقة مشروع نيوم تشمل ميناءً بحريًا، وشبكة مطارات، ومناطق صناعية، ومراكز للإبداع لدعم الفنون، ومراكز للابتكار، وتدعم قطاع الأعمال والسياحة، إضافة إلى تطوير القطاعات الاقتصادية المستهدفة. ويعد موقعها الإستراتيجي؛ محورًا يربط القارات الثلاث: (آسيا وأوروبا وإفريقيا)، حيث بإمكان 70 % من سكان العالم؛ الوصول إليها خلال 8 ساعات كحد أقصى.
أكتب عن مدينة (نيوم) من جديد؛ لأني أراقب بشغف وإعجاب مراحل البناء التي تجري على أرضها، حيث قامت فنادق ومطارات ومقرات، واستقطب المشروع عشرات آلاف العاملين فيه من السعوديين وغيرهم، وشملته عناية خادم الحرمين الشريفين قبل عدة أشهر، بالإقامة فيه، وعقد جلسة لمجلس الوزراء على أرضه، ما يعني أن (18 شهرًا) مضت من العمل؛ كانت كافية لإنجاز نموذج مهم في مشروع ضخم كهذا يضرب به المثل في التخطيط والتنفيذ، وهذا دليل على أن ما يجري في المشاريع الأخرى المتزامنة مع مشروع نيوم؛ هو عمل دؤوب وسريع بشكل لم نعهده من قبل. وفي انتظار الاحتفال بتدشين المرحلة الأولى من نيوم في العام 2025م، حيث ستدرج هذه المدينة الوليدة في الأسواق المالية، فمن المتوقّع أن تبلغ مساهمة (نيوم) بالناتج المحلي السعودي في 2030، بنحو 100 مليار دولار.
إن أخوات نيوم هي الأخرى تسير بوتيرة المستقبل الذي نبني جسورنا في الوصول إليه. بعد اليوم يا سيدات يا سادة.. لا نوم مع نيوم، ولا مع أخوات نيوم. المستقبل الجديد يتجسد في: (آمالا، وفي الرياض آرت، والقدّيّة، والرياض الخضراء، والمسار الرياضي، وحديقة الملك سلمان، ومدينة الفيصلية، والبحر الأحمر، وبوابة الدرعية، والطائف الجديد، وداون تاون جدة، ومجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية، ومدينة الملك سلمان للطاقة).
كسر حاجز الوقت، وسرعة الإنجاز في مشاريع ضخمة مثل نيوم وأخواتها، هو أمر لم نعهده من قبل. سلوك حكومي جديد يبعث على الفخر والاعتزاز، ففي أكتوبر 2017م؛ تم الإعلان عن مشروع مدينة نيوم، وفي أكتوبر 2018 م؛ أعلن الرئيس التنفيذي للمشروع المهندس نظمي النصر؛ عن تشغيل أول مطار في نيوم قبل نهاية 2018م، ثم تسيير رحلات أسبوعية إليه مع بداية عام 2019م، على أن يكون المطار واحدًا من شبكة مطارات عدة سيتضمنها المشروع. وقد استقبل المطار الذي يحمل رمز مطار منظمة الطيران المدني الدولي؛ والواقع في (شرما)؛ أول رحلة للخطوط السعودية في 10 يناير 2019 م، عبر طائرتين تجاريتين تقلان 130 موظفًا في المشروع.
ها نحن نعيش ونشهد قيام مشاريع بمساحة وحجم بعض الدول الصغيرة حولنا. مشاريع لا تحتاج إلى سنوات كي تشاد وتقام وتظهر للوجود، ولكن عدة أشهر كفيلة ببروز سمات مدينة عصرية مثل (نيوم)، ومشروع ضخم آخر مثل (القدّيّة)، ثم مشاريع تسابق الزمن لتأخذ مكانها على خارطة مملكة المستقبل الجديد كما في: (آمالا)، وفي (البحر الأحمر)، وخلافها مما أصبح اليوم حديث الناس في مجالسهم. الناس الذين تعودوا على مشاريع تستهلك بين إرسائها وتنفيذها سنوات طوال من عمر الزمن؛ ها هم اليوم؛ يتحدثون عن سرعة التنفيذ في نيوم وأخواتها بكل فخر وإعجاب.
المستقبل الجديد الذي بدأناه في (نيوم NEOM)؛ أخذ يقود بقية مشاريع المستقبل في عموم المملكة بسرعة مذهلة. هناك إنجاز عظيم مصاحب لكل هذا، وهو غير مرئي. إنه مشروع (التحول الرقمي)، الذي نلمس مدى ما وصل إليه في التعاملات الرسمية.
مستقبلنا الجديد بعد اليوم؛ لا يعرف النوم مع نيوم.