د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
رمضان قاب قوسين أو أدنى منا، ولله الحمد على ذلك، رمضان وبرنامجه الدقيق ينظم حياتنا، إلا أننا والأسف «نلخبطها» ومعذرة لاستعمال اللهجة الدارجة هنا وفي عنوان المقالة. رمضان ينظم نومنا وصحونا ومواعيد أكلنا وصلواتنا وقراءتنا للقرآن وذهابنا للعمل وعودتنا منه، وإذا كان هذا حسنا فلم لا نطبق برنامج الشهر في سائر الشهور؟ الأمر ليس مستحيلاً بل يحتاج إرادة وانضباطية منا، لم يفرض الصوم للإفراط في الأكل ولا للنوم في النهار والسهر في الليل إلى الفجر. والبعض منا يستعد لرمضان بشراء الأطعمة المتنوعة، وست البيت تستعد للطبخ والنفخ، وبعض أفراد الأسرة يحاولون ألا يفوتهم مسلسل ولا برنامج من البرامج، التي يقال عنها ترفيهية، ويسهرون الساعات الطوال ويحرصون ألا يفوتهم برنامج أو فيلم أو مسلسل، وفي النهار ينامون معظمه، لمن ليس لديه عمل، وَيَا حسرتنا على أبنائنا الذين لبس لديهم دراسة بل يتمرغون في إجازة «مدرسية»، من رمضان إلى ما بعد الحج، وهل سيهلكون لو درسوا في رمضان، يا ويلاه! لن يهلكوا، سيهلكون من برامج قنوات اللا مسؤولية، قنوات الفلتة، والمحسوبة علينا، قنوات كل داء عضال، تحولت ثقافة مجتمعنا إلى الاتكالية واللامبالاة والتقاعس، وعندما تتحدث مع أحدهم وتبث شكواك، الرد جاهز: وش نسوي؟، تغيرت الحياة، لا وربي، بل تغيرنا لا نلقي اللوم على الحياة ونجعلها مشجبًا نعلق عليه مبرراتنا وأعذارنا. لو قيل لك لقد غيرنا سنة أو دعها الله في الكون: الليل «سباتا» والنهار «معاشا»، وأصبحنا نعيش في الليل ونسبت في النهار، قلبنا سنة الخالق عز وجل، لو قيل لك ذلك، ماذا سيكون ردك؟ هل سيكون الرد نفسه والمبررات ذاتها؟!
أتذكر قول واحد من الزملاء، من بلد عربي، كان يقول لي لا أجد بلدًا مثل بلادكم، أفضل مكان لصوم رمضان، نعم بكل تأكيد، إذا ما اتبعنا فيه أمر الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صل الله عليه وسلم، وليس مثلما يفعل بعضنا، هداهم الله، رمضان له روحانية، ويعتبر مدرسة عظيمة لمن استفاد من دروسها، في رمضان وسائر الشهور، شهر ينظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، شهر يتربى فيه الناس وتتحسن فيه سلوكياتهم داخل المنزل وخارجه، شهر العطاء والبذل والتضحيات والآداب والخلق القويم، شهر تصح فيه الأجساد وترقى فيه المشاعر وتلطف فيه الأرواح، شهر خير وبركة، وفيه ليلة خير من ألف شهر، ماذا نريد أكثر من ذلك، ألا نريد الفوز بالجنة والعتق من النار، بلى وربي، كل رمضان والجميع بخير وصحة وسلام.