محمد سليمان العنقري
أغلب مَن تسمع تعليقاتهم حول رأيهم في ارتفاع الاستهلاك للسلع الغذائية برمضان يؤكدون أنه إسراف، ولا يوجد له سبب مقنع. إذن لماذا يرتفع الاستهلاك بأكثر من الضِّعف في شهر الصيام أسوة ببقية أشهر السنة؟ فمنطقيًّا يفترض أن ينخفض الاستهلاك عمومًا، وأن يرتفع بأنواع محدودة مرتبطة بالصيام، كالإفطار على التمر والعصائر.. ولكن ما يحدث هو أن فاتورة المواد الغذائية تتضاعف في شهر رمضان. فهذه الظاهرة تتطلب دراسة عميقة لمعرفة الأسباب، وهل هو فعلاً نتيجة إسراف مبالَغ فيه أم أن هناك أسبابًا أخرى؟ فإذا نظرنا إلى أرقام الاستهلاك العامة لا يمكن أن تعطي تصورًا دقيقًا. ففي رمضان تزداد أعداد المعتمرين من الخارج؛ وهذا له تأثير في ارتفاع الاستهلاك. لكن الدراسة التي يفترض أن تُنجز من قِبل جهات مختصة، كهيئة الإحصاء أو وزارة التجارة أو من الجامعات، يفترض أن تفصل الاستهلاك بالمجتمع، وتركز على إنفاق الأسرة في رمضان، وأي المواد الغذائية يزداد عليها الطلب؟ ويمكن الاستعانة بشركات صناعة الأغذية، أو مراكز البيع الكبرى؛ وذلك للحصول على المعلومات. فالأرقام تشير إلى أن حجم سوق المواد الغذائية بالمملكة سنويًّا يبلغ 160 مليار ريال، أي بمتوسط 13 مليار ريال شهريًّا. ولكن الدراسات تشير إلى أن شهر رمضان يتضاعف فيه الاستهلاك، أي ينفَق فيه ما لا يقل عن 25 مليار ريال. لكن هذه الأرقام لا يمكن التثبت من صحتها؛ فهي ليست صادرة عن جهات يعتد بها، إنما يتم تناولها بوسائل الإعلام دون مصادر واضحة. لكن أرقام مصلحة الجمارك تشير إلى أن حجم واردات المواد الغذائية عام 2016م بلغ 29 مليون طن، بقيمة 80 مليار ريال، وهو رقم يتنامى عامًا بعد عام؛ وهو ما يتطلب عملاً ضخمًا لفهم واقع السوق الاستهلاكية بالمملكة، ومعالجة الهدر فيها إن وُجد. وحول حجم الاستهلاك محليًّا ذكرت تقارير أن 75 % من الوجبات الجاهزة بدول الخليج العربي تُباع في المملكة، بينما تقول إحصائية أخرى إن سوق العصائر والمشروبات في السعودية يمثل 25 % من أسواق 17 دولة بالمنطقة. استهلاك السلع الغذائية في رمضان يرتفع رغم أن الصيام يمتد فيه لأكثر من 13 ساعة يوميًّا؛ وهذا يعني أن الانخفاض بالاستهلاك بصفة عامة هو المنطقي. وبما أننا دولة تستورد نسبة كبيرة من المواد الغذائية فإن دراسة ظاهرة الاستهلاك المرتفع تصبح ضرورة لتقليل الهدر، وضبط الإنفاق والاستيراد للسلع الغذائية من خلال رفع الوعفي المجتمع بأهمية الترشيد، وعدم المبالغة بالاستهلاك الضار بالصحة وباقتصاد الأسرة.