خالد بن حمد المالك
أكبر خطأ أن نحكم على خطة السلام المقترحة من أمريكا لإنهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين قبل الإعلان عنها رسمياً، سواء أكان حكمنا المتسرع سلبياً أو إيجابياً، إذ إن نشر تفاصيل الخطة الأمريكية سوف تقودنا إلى دراستها، والتعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية فيها، وما إذا كانت خياراً صالحاً لحصول الفلسطينيين على دولتهم المستقلة.
* *
مع أننا لا نتوقع أن تستجيب الخطة لكل مطالب الفلسطينيين، لكنها لن تكون أسوأ من استمرار الاحتلال الإسرائيلي، بسياساته الممنهجة لتهجير الفلسطينيين، وطردهم من المساحات الصغيرة المتبقية لإقاماتهم في أراضيهم تحت سيطرة إسرائيل، وعدوانها، والتنكيل بالأحرار منهم، واستمرارها في بناء البؤر الاستيطانية في أراضيهم، وتهويدها.
* *
والمؤكد في هذه الخطة أو في غيرها مما يتبناه الأمريكيون، أنه لن يعلن عنها دون أن توافق الهوى والرغبة الإسرائيلية، التي هي في موقع الأقوى والمنتصر، فيما لا يزال الفلسطينيون منقسمين في التعامل مع أي مبادرة تعطيهم الحق في دولة ولو كانت منقوصة، بما جعلهم يفوتون فرصاً سابقة كانت هي الأفضل مقارنة بما يطرح أمامهم الآن.
* *
إذاً فالمطلوب أن يتم استقبال المبادرة الجديدة بهدوء، ودون مزايدات، والحصول على ما هو ممكن، والمطالبة بما لا يمكن تحقيقه الآن من خلال التفاوض، والجلوس على الطاولة، وإظهار حسن النية، وإبداء الرغبة والقبول في السلام من الجانبين.
* *
صحيح أن إسرائيل تحتاج إلى من يطمئنها، ويزيل الخوف عنها، ويؤكد على قبولها دولةً مُرحّباً بها في المنطقة، على أساس أنها ترغب في التعاون والسلام مع جيرانها، لكن في المقابل فإن الفلسطينيين يتخوفون من النوايا الإسرائيلية، ومن عدم التعامل المريح معها، فيما لو تم إقرارهم بأي مبادرة، والاتفاق مع إسرائيل على بنودها، لكن هل في الإمكان لكلا الجانبين أن يتم تحقيق ما هو أفضل لتحقيق السلام، وبالتالي يكون مقبولاً من الإسرائيليين والفلسطينيين.
* *
صحيح أيضاً أن الحروب بين العرب وإسرائيل لم تحقق دولة الحلم والأمل للفلسطينيين، كما أن الدخول في مسارات السلام سلمياً مع الإسرائيليين، ومن خلال الحوار لم يجلب السعادة للفلسطينيين، مثلما أنه لم يحقق للإسرائيليين الثقة والأمان في مستقبلهم البعيد.
* *
لهذا يجب أن تكون هناك تنازلات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المنشودة، إلى جانب دولة إسرائيل، وأن يكون هناك تعاون بينهما، يضمن لهما الاستقرار، وعدم الخوف من حروب قادمة، وهذه التنازلات يفترض فيها أن تلبي مطالب الطرفين، ويكون تطبيق ما يتم الاتفاق عليه في ضمانة الدول الكبرى، ولا يكتفى بالضمانة الأمريكية فقط، كون أمريكا منحازة لإسرائيل، ولا يثق الجانب الفلسطيني فيها.
* *
مرة أخرى، يجب عدم التسرع في الحكم على المبادرة أو الخطة الأمريكية، اعتماداً على ما تم من تسريبات من بنودها، حتى ولو كان مصدر هذه التسريبات جهات أمريكية رسمية، أو مسؤولين كباراً في الإدارة الأمريكية، وعلينا انتظار الإعلان عنها، حتى لا يتم إجهاضها وهي ما زالت مشروعاً لم يعلن عن تفاصيله بعد.