عبده الأسمري
ربي وخالقي وإلهي.. من أين أبدأ؟.. وكيف لضعفي وجهلي أن أسمو لأكتب النداء إليك والالتجاء نحوك والرجاء أمامك؟..
الكتابة إليك «سمو» والخطاب نحوك «عز» والقول فيك «اعتزاز».. أكتب والخشية تحف جوارحي.. والسكينة تعتمر وجداني.. والخوف يحيط قلبي.. والروحانية تغمر كياني..
كيف للقلم الذي علمتني وغيري به أن يصف العبارات وأن يوصف العبرات وأن يرصد الاعتبارات أمام ملكك وملكوتك وأنت من تحرك أصابعي وتنطق لساني وتستنطق قلبي.. وتعلم مبتدأ «قلمي» وخبره وانطلاقه وتوقفه وهاجسه وتوجسه وسيره ومسيرته وبدايته ونهايته. الكتابة «نعمة» أولى تتحد فيها جوارح العقل والقلب والنفس والروح واليد والعين التي لا تتحرك إلا بأمرك.. والمناداة إليك «وسيلة» لا تحتاج «الوساطات» ولا ترتجي»الشفاعات والمناجاة نحوك «غاية» تفتح لها «أبواب» الإجابة وترتفع بها درجات «الإنابة».
ها أنا أكتب إليك ولا أعلم هل أسرد «نعمك» الظاهرة أم «نعائمك» الباطنة فالحمد لا تكفيه «المجلدات» والشكر لا تستوعبه «المجالات».
أكتب إليك ربي بكل الإجلال من أعماق عجزي إلى آفاق إعجازك ومن دنو «ذلي» إلى علو «عزتك» ومن صغر «مكانتي» إلى كبر «عظمتك» ومن حدود «المبتغى» إلى فضاء «اللامنتهى».
إلهي العظيم.. أنت وحدك من يعلم «السر» وأخفى.. ومنك النشأة وإليك الرجوع وبك العون.. فيا ليت حرفي أن يمحو تقصيري وأن ينزع غفلتي.
خالقي العلي القدير.. قلبي مكتظ بالحمد الذي لا يوفي فضلك وفؤادي ممتلئ بالامتنان الذي لا يوازي نعيمك وفكري خليط بين الرهبة والرغبة أمام ميزانك
ربي وخالقي.. في قلبي «عبرة» طالما هلت دمعا بين آياتك واستهلت فرحا وسط بيانك وفي خاطري «حديث» أنت تعلمه ينقلني بين التضرع والخفية كما تشاء أنت في تسيير عبدك الضعيف بين اتجاهات أقدارك.
أي خجل ينتابني أمام «جهل» تأرجحت منه بين النسيان والخذلان.. ولكنك الجواد الكريم فاقبلني في مساحة «الغفران» فحدودها في «علمك» ونتاجها في «غيبك» وقرارها في «صفحك» واستقرارها في «عفوك».
أيا خالقي.. تمر السنون ونحن نرفل في أفضالك ونحتفل بفضائلك.. نتشبث بالفرح وننسى الوفاء ونتمسك بالسرور ونتناسى العرفان.. فأسبغ علينا من الهداية وأكرمنا بالهدى ما يجعلنا في دائرة «الاحتفاء» بك كما يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك.. وأنزع «السوء» من مسارات عقولنا لنكون تحت ظلاك عنايتك وظل رعايتك.
أيا رحمن الدنيا ورحيمهما.. تعتمرني سطوة «الوجل» وتغمرني «حظوة» الحسنى» عندما أرى جزء رحمتك المخصص في الدنيا فأتذكر تسع وتسعون منها ادخرتها في علمك توزعها كيفما شئت لتنقذنا من سيئات أفعالنا وتنتشلنا من سوءات أعمالنا يوم العرض والحساب فكم أنت كريم وكيف لنا كبشر أن نجازي هذا الصنيع إلا بالخضوع والهجوع والخشوع «ذلا» و«استصغارا» أمام رحمتك التي وسعت كل شيء.
كفلتنا بحنانك وشملتنا بمنك وأشبعتنا بجودك فلا تؤاخذنا بنسيان الإنسان أو نكران «الشيطان».. وألهمنا بالسلوان الإلهي الذي يزيل عنا غموم «الدنيا» وهموم «الحياة».. واجعلنا من المكرمين بتقبلك المتوجين بقبولك.
يا صاحب اللطف الخفي.. والعطف الغيبي.. ويا مالك الملك ورب الملكوت.. يا جابر الكسر.. ويا مجير المستغيث ويا مغيث المستجير.. يا عظيم الاسم.. يا كريم اليد.. يا جميل العطاء.. يا سخي الجود يا موجد الوجود.. يا معطي الجنة.. ويا واهب الفردوس يا محيي النفوس.. ويا مكون الكائنات ويا كائن قبل الكينونة.. من لضعفنا غير قوتك يا قوي يا متين ومن لخطايانا غير غفرانك يا غفور يا غفار.
إليك ربي كتبت مشاعري واستكتبت شعوري في سطور نطقتها حروفي بأمرك ورسمتها عباراتي بقدرك.. ووصفتها كلماتي بقدرتك..
«ولأنك العليم الخبير فأنت وحدك من يعلم مقدار «الحب» لك والاشتياق لرضاك والشوق للقائك».