مها محمد الشريف
في زمان القوة زادت مساحة الضعف والخوف لدى الشعوب المضطهدة من بطش الاستبداد والظلم، فمنذ عقد السبعينات أصبحت تركيا مسرحاً للعديد من الحركات المتطرفة والمواجهات اليومية التي أضعفت الطبقة السياسية، وتقرر ذلك ضمن منهج الأحزاب السياسية الرئيسية منذ العام 2003 التي فازت بانتخابات تشريعية، ضمن إمكانية ترتبط بالتطهير المستمر لتجد تركيا نفسها غارقة في التناقضات.
الأمر المثير للقلق للأطراف السياسية الأخرى في تركيا هو الذي يتطلب رفض إعادة الفرز كليًّا في 31 منطقة بإسطنبول جزءًا أساسيًّا من حق الشعب والأشخاص المنتخبين، وحزب الشعب الجمهوري المعارض سيجتمع لبحث قرار إعادة الانتخابات في إسطنبول وستكون البداية لمرحلة غامضة تنتظر حزب أردوغان وترحيل البلاد إلى المجهول.
إن إطالة أمد الصراعات والاضطرابات التي صنعها أردوغان والإخوانج المؤدلجين الديكتاتوريين بعيدة كل البعد عن الديموقراطية التي يتغنون بها وأقنعوا الشعوب بسياسة الحزب الحاكم، ولكن كتب التاريخ لم تترك حقيقة انسحاب تركيا من الحقل الديني والتخلي عن السياسة الدينية في مرحلة فاصلة بين مرحلتين من العنف والتطرف إلا سجل علاماتها الدالة عليها كإرث ثقيل تحمله الأيام للمستقبل القريب.
هناك في الواقع كل الفرص لأن تدفع السياسة الحالية لحكومة حزب العدالة والتنمية إلى حرب استنزاف لن تخرج منه منتصرة فهي لا تمتلك سوى تفويضًا من الشعب محدودًا بخمسة أعوام مثلما وصفه حميد بوزرسلان في كتابه تاريخ تركيا المعاصر.
بينما قال إمام أوغلو أمام حشد من مؤيديه في وسط اسطنبول إنّ «أولئك الذين يتّخذون قرارات في هذا البلد ربّما وقعوا في الخيانة. ولكننا لن نستسلم أبدًا، احتفظوا بالأمل». وكانت اللجنة العليا للانتخابات أمرت بإبطال فوز مرشح المعارضة برئاسة بلدية اسطنبول وإعادة إجراء الانتخابات.
وما يجعل الاستجابة متحدرة من اللجنة هو طلب حزب الرئيس رجب طيب إردوغان الذي طعن بفوز مرشح المعارضة في الانتخابات التي جرت في 31 آذار/ مارس والذي قال: «إذا خسرنا اسطنبول فقدنا تركيا»، وهكذا تشكلت برجوازية أردوغان لما فيها من انتهاكات تشريعية للانتخابات ومطاردة جميع الأطراف لقطع علاقاتهم بالفوز ووضعهم تحت الوصاية.
دلت هذه السياسة حسب تقديرات العالم على القمع وهجمات رجال أردوغان المنظمة للزج بهم في السجون حيث كشف مركز ستوكهولم للحريات إحصائيات صادمة بشأن عدد الأشخاص القابعين في السجون التركية، كما سلط الضوء على المعاناة التي يعيشونها خلف القضبان.
وأوضح المركز، نقلا عن إحصائيات أصدرتها وزارة العدل التركية، أن 260.144 شخصا مسجونون في مختلف أنحاء البلاد، مشيرًا إلى أن السجون التركية البالغ عددها 385 تشهد اكتظاظًا كبيرًا.
وسرعان ما أعلنت الإحصائيات الرسمية بأن هناك «حمولة زائدة» تقدر بعشرات الآلاف من النزلاء، مما يؤدي إلى تقلص المساحة المخصصة لكل سجين، مما يعد انتهاكًا لحقوق السجناء التي يكفلها القانون وهذا قليل من كثير تنقله وسائل الإعلام بالصوت والصورة للعالم.