أمل بنت فهد
قال أوشو: (من الخطأ استخدام الفوارق لإدانة الآخر) في حديثه عن دعم الفوارق بين المرأة والرجل، ليكون الاختلاف عبقرية تفرض التكامل من قلب المتناقضات، ويمكن أن يكون ما قاله أوشو هي الحلقة الضائعة أو الغامضة في فهم أسباب التنافر بين البشر، على مستوى العلاقات الإنسانية أياً كان أطرافها، وأياً كان مسماها.
وبرغم أن الإنسان يعتبر أبو الحضارة، والتجديد، والجنون، والتغيير، كأنما في ظاهره يقاوم ويقاتل كل أشكال الاعتياد، وينفي عنه تهمة الجمود والتكرار، كما عند المخلوقات الأخرى التي تشاركه الحياة، والتي تعيش حياتها بوتيرة واحدة، وبنفس السيناريو، دون توقف أو ملل، أو تفكير في التغيير، ويمكنها أن تتطور حسب الظروف البيئية، لكنه تطور بطيء جداً، ينتقل من سلالة إلى سلالة، على عكس الإنسان الذي بات يعيش قفزات سريعة وهائلة بين الأمس واليوم.
ورغم كل ذلك التسارع الذي يعيشه الإنسان، إلا أنه في أعماقه وفيما يخص مشاعره، هو ذاته وقليلاً ما يتغير، فالمشاعر، والعلاقات، والأفكار الأعمق، لاتزال لدى الإنسان تركن للاعتياد، والروتين، والتكرار، وتطورها أو فهمها يأخذ منه ما تأخذه التطورات التي تحدث لدى المخلوقات الأخرى حين يكون التغيير على مستوى السلالة لتتكيف مع الواقع الجديد.
إذ لا يزال الإنسان يرتاب من الآخر حين يكون غريباً، أو مختلفاً عنه، وهو شعور بدائي لم يتخلص منه الإنسان على مر العصور، التشابه يمنح الإنسان شيء من الطمأنينة، كأن ما يشبهه سيكون آمن، وبرغم سطحية الفكرة، إلا أنه شعور يتملك الإنسان، قد يكون السبب غرور الإنسان لاعتقاده أنه الأفضل، وكل ما يشبهه في الشكل أو اللون أو الدين أو المذهب أو الجنس هو الآمن ولا خوف منه، أو يكون باختصار جبان أمام الاختلاف.
لذا يحتاج الإنسان أن يطور مشاعره مثلما تطور في كل شيء حوله، يحتاج قفزات فلكية تحرره من الاعتياد، تعتقه من عبودية التشابه التي حولت حياته إلى روتين قاتل، فقد فيها إشراقه، وقدرته على التواصل مع مشاعره العظيمة، كالحب، والرحمة، والسلام الداخلي، إنسان اليوم كأنما فقد شيء من قدراته على الاستمتاع، وذهب بعيداً عن ذاته، وكل محاولاته في استعادة متعته قصيرة المدى وضعيفة الأثر.