أحمد بن عبدالرحمن الجبير
ثمة ملاحظات على حركة التسوق قبل، ومع بداية الشهر الفضيل، وهذه الحركة ناتجة عن منافسات وعروض تقدمها الأسواق التجارية، لكن الكثافة البشرية، وحركة التسوق تكاد تكون لافته للاهتمام، حيث يلاحظ المراقب وجود سيولة، وسلوك استهلاكي ينافي مضامين هذا الشهر، وأهدافه في تحقيق الاعتدال في كل شيء، وخاصة في النفقات والمصروفات، وترشيد الاستهلاك في الطعام والشرب، وفي الملبس والمركب.
فالتبذير والإسراف، والذي قد يقود إلى تراكم الديون على رب الأسرة، والقاعدة الاقتصادية للإنفاق تعتمد على ثقافة الفرد، والأسرة والمجتمع، ووجود القدوة الحسنة لغرس المفاهيم والعادات، والقيم الخاصة بترشيد الاستهلاك، وعدم التبذير والإسراف، إلى جانب المضمون الإسلامي في الصدقة وإطعام المساكين، وتفريج كربة المعوزين، وتحقق جوهر رمضان القائم على التعاون، والشعور مع الآخر.
فإذا اعتاد الإنسان من صغره على الترشيد، وعدم الإسراف سينعكس ذلك إيجاباً على حياته المستقبلية، بالتوفير والإدخار، ويصبح قادرًا على تحديد خياراته بشكل أفضل من غيره، أما إذا اعتاد على عكس ذلك سيتضرر دخله، وميزانيته مستقبلاً، حيث إن تربية أفراد الأسرة، والمجتمع على ترشيد الاستهلاك، وعدم التبذير والإسراف، وعلى السلوكيات الاقتصادية الإسلامية المعتدلة ستقود إلى إعداد أفراد أسرة، ومجتمع قادر على إدارة اقتصاده بنفسه.
ووضعت الشريعة الإسلامية الأسس العامة لترشيد الإنفاق، وتنظيم ميزانية الأسرة لتنتظم موازنة المجتمع الاقتصادية، لكن نجد أن الإسراف والتبذير يزداد في شهر رمضان، وتتجه الأسر إلى الترف، وإعداد الولائم المكلفة، حيث يتسابق عليها الكثير من الناس مع بداية شهر رمضان الكريم معتقدين أن الإسراف في إعداد هذه الولائم دليل على الكرم.
والملاحظ أنّ سلوكيات التبذير، والإسراف خاطئة، وغير مقبولة، وخاصة في هذا الشهر الكريم ولعل ما يثير الاهتمام هو عدم اقتصار ظاهرة الإسراف، والتبذير على الطبقات الغنية في المجتمع بل تمتدّ لتشمل الطبقة الوسطى، وحتى الفقيرة منها، وتشير الدراسات أن ما يلقى ويتلف من مواد غذائية، ويوضع في صناديق النفايات تزيد نسبته عن 50 % من كمية المواد الغذائية المشتراه والمستهلكة.
كما أن سبب هذه الظاهرة هو إعداد أطعمة تزيد عن حاجة الفرد، والأسرة والمجتمع، وبالتالي فإن معظمها يرمى نظرًا لاكتفاء الناس بالقليل من الطعام والشراب، لذا يجب على جميع أفراد الأسرة والمجتمع الالتزام بالسلوك الاقتصادي الإسلامي الحسن باعتباره جزءاً من سلوك المسلم، والاعتدال في النفقة، والتخطيط السليم لميزانية الأسرة، وهذا بالتالي يقود إلى إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع ونمو اقتصاد الوطن.
ويجب علينا كمواطنين أن يكون لدينا حسن إدارة وتدبير، وتوظيف أمثل للموارد المالية، وعدم التبذير والإسراف، وأن نتحمل جزءاً من المسؤولية، فالديون تتضاعف علينا بسبب الإسراف والتبذير التي يتحملها المواطن، ولن يجد جهة تمنحه قرضاً دون أن يملك القدرة على الوفاء، فالمواطن بوعيه قادر على ترشيد الاستهلاك، ومنع الإسراف والتبذير، وكل عام وأنتم بخير.