فهد بن جليد
ربطُ التبرع بالملابس القديمة لحظة شراء جديدة فكرة ذكية (تسويقياً ومُجتمعياً) لها معان سامية وكبيرة، في جميع دول الخليج ومُعظم دول العالم تلعب المولات والمُجمعات التجارية دوراً كبيراً في احتضان العديد من المُبادرات الإنسانية من هذا النوع لفئات المُجتمع، الفكرة السائدة لدينا أنَّ هناك جمعيات مُخصَّصة يذهب إليها الإنسان ليقدم مثل هذا التبرع العيني، وبعضها قد يكون لديهم تطبيقاً ليحضروا ويستلموها، إضافة لانتشار العديد من حاويات الجمعيات الخيرية لوضع الملابس فيها، إلاَّ أنَّ فكرة تخصيص مكان في المول أو المُجمع التجاري الذي تزوره جميع أفراد الأسرة، فكرة تستحق أن نستفيد منها ونضيفها إلى قوائم وطُرق التبرع العديدة لدينا، خصوصاً وأنَّ صاحب الملابس (المرأة، الطفل) سيقوم بنفسه بحمل كيس صغير فيه القطع القديمة ليتبرع بها قبل أو بعد أن يشتري قطع جديدة من السوق، وهو ما يُنمِّي ويربِّي لديهم إحساس الشعور بالآخرين ومدى حاجتهم.
المُجمَّعات التجارية السعودية مُتفاعلة جداً مع الفعاليات والمُناسبات (المؤقتة) للجمعيات الخيرية والصحية بمنحهم مساحة وخدمات مجانية لتوعية المُجتمع وتقديم برامجهم الترفيهية واحتضانها، ولكن دورها في استقبال التبرعات العينية بالتنسيق مع الجمعيات المُختصة والمُصرَّح لها، يظل غائباً أو محدوداً حتى لا نظلم أحداً، ولا يتواكب مع المُنتظر منها خصوصاً في شهر رمضان المُبارك، لذا ننتظر ونتطلع كمُتسوقين على الأقل لتخصيص مواقع ثابتة وكبيرة لاستقبال التبرعات العينية التي تم الاستغناء عنها عند شراء جديدة من نفس المول (كالملابس، والأجهزة، والأثاث وغيرها)، في إحدى الدول الخليجية يقول لي بعض القائمين على مثل هذه المشاريع أنَّهم يستقبلون بشكل مُستمر تبرعات عينية جديدة عندما يشتري الزبون قطعة ويحصل على أخرى مجاناً، ويتبرع بتلك القطعة ليُسعد إنسانًا آخر هو في حاجة لها، حجم السعادة التي يشعر بها مثل هؤلاء الزبائن لا يوصف لناحية رضاهم النفسي بمُشاركة المعوزين الفرحة، عند التبرع بقطعة لم تستهلك كثيراً بدلاً من رميها أو تركه، لحظة زيارة السوق لشراء أخرى جديدة.
المُساهمة في نشر هذه الثقافة ينعكس إيجاباً على الجميع، ليمنح الشعور بمدى تكاتف وترابط المُجتمع بكل فئاته، فتفاعل المولات السعودية مع مثل هذه المُبادرات الإنسانية سيجعل المتسوِّقين داخلها يشعرون حتماً بنوع من الرضا والارتياح بأنَّهم مهما تسوَّقوا واستبدلوا ملابسهم وإكسسواراتهم..إلخ بأخرى جديدة فإنَّه سيتم الاستفادة منها، وقد تكون هذه ميزَّة للسوق الذي سيُبادر أولاً بإطلاق مثل هذا المشروع.
وعلى دروب الحير نلتقي