أ.د.عثمان بن صالح العامر
أحيانا تشعر أن بعض الأطباء لا يكترثون كثيراً بالقسم الطبي -الذي يضرب أطنابه في التاريخ، والذي عرفته جميع الحضارات وتوارثته الأمم ولا زال- ولا يعترفون به أصلاً، أو أنهم إن أحسنا الظن بهم لم يرددوا خلف عميدهم مع بقية زملائهم في ليلة الاحتفال بتخرجهم قسمهم المعروف، ولذلك فإن هذا البعض يسعى لتحقيق هامش رحب أعلى، يأخذونه من جيب هذا المريض المحتاج لهم فيضعونه في أرصدتهم البنكية، أو ربما ذهب هذا العائد المرتفع لصالح المستشفى أو المستوصف أو العيادة التي يعملون بها على حساب صحة المريض الذي وثق بهم وسلم نفسه لهم، وسبيلهم في الوصول لأكبر شريحة في المجتمع تسويق أنفسهم من خلال الإعلانات التي تنتشر في الأسواق والممرات، أو أن إدارة هذا المرفق الخاص تضع صورهم ومؤهلاتهم وتخصصاتهم في لوحات الإعلانات داخل المستوصفات والمستشفيات، أو من خلال تسويق عدد من مشاهير السوشل ميديا الذين لا وجود أصلاً لهذه المفاهيم الإنسانية في أذهانهم، ولا يعتدون بحقوق الآخرين غالباً، المهم عندهم العائد المادي الذي يحصلون عليه، أو الخدمات التي ينالونها وتقدم لهم جراء إشادتهم ومدحهم وتبجيلهم لهذا الطبيب أو ذاك.
أنصح هؤلاء الأطباء ونحن في هذا الشهر المبارك ألاّ يغريهم بريق المال فينسوا واجبهم الإنساني الذي تمليه عليهم مهنتهم الشريفة، عليهم أن يراجعوا أنفسهم على ضوء ما أقسموا عليه، ومن ثم يعلنونها توبة صادقة مع الله، يقلعون بعدها عن غيهم في استغلال ثقة المريض بهم، ويتذكرون جيداَ أن حقوق البشر مقدمة على حقوق الله في واجب الوفاء، عليهم الحرص على تقديم واجبهم الطبي على أتم وجه وفِي أحسن صورة من باب مراقبة الله أولاً ثم مراعاة للجانب الإنساني الذي هو الركيزة الأساس في هذه المهنة الشريفة عظيمة الأثر والأهمية.
والشيء بالشيء يذكر هناك أطباء مهرة وعندهم عيادات في مستشفيات حكومية ولديهم عقود في مستشفيات خاصة يتقاعسون عن القيام بواجبهم الوظيفي ويحولون مرضاهم إلى عيادتهم المسائية بطرق عدة، والثمن شهرة الطبيب وضمان استمراره في عقده التجاري على حساب جودة وإنجاز وتطور مستشفياتنا الحكومية للأسف الشديد، وهذا كذلك هو في نظري خارق من خوارق الضمير الذي لابد أن يكون حياً في شخصية الطبيب.