عبده الأسمري
منذ أشهر تجنبت الكتابة في مواضيع «التنمية» و»الاختلافات» و»القضايا» التي يمتلئ بها قلبي وأكتب المقال والمقالين والثلاثة ولكني أتوجس من اتصال «مهيب» أو رفض «قاطع» أو عتاب يرميني في ساحة «التأنيب» من رئيس التحرير أستاذي ومعلمي خالد المالك الذي أتخيل يمناه وهي تتحرك للقلم الأحمر على طاولته برفض المقال وأستشف دوما الفرح والسرور عندما أتوقع أن قلمه الأخضر الذي طالما وقع به على مقالات ظلت «مناهج» في تاريخ الصحافة قد خط قرارا بقبول المقال وتقبل الفكرة.. حتى يعبر بسلام من بين «نظر» عميد رؤساء التحرير ويحظى بتوقيعه للإجازة وفق «بعد نظر» و»حكمة رأي» تعلمتها منه في تجارب متعددة. أتجنب مقص الرقيب ولكن قلبي مكتظ بتنبوءات وتوقعات وتكهنات بعضها يحاصرني بحقائق مدوية وأخرى تناصرني بنظرة صائبة. فيظل قلمي يكتب شاجبا أو معاتبا وأظل أمزق العديد من الأوراق على طاولتي ولكن صدى حروفها يدوي بقوة في داخلي ويعتمر أثرها عقلي فأكتب العبارات من الأعماق إلى الآفاق حرصا ويقينا وغالبا ما يكون الشعور «ألما» على مظاهر وظواهر ولأنني عاشق لوطني متيم بالمنطق مناصر للواقعية أظل في صراع لا يحله إلا مقال حتى وإن ظل بين أوراقي أو في خانة «الرفض» حينها أجد راحة الرأي في فضفضة «كاتب» اختار لزاويته الحياد ولقلمه السداد. سأستعرض بعض الأمور الخافية والمختفية بأمر المنصب أو الاعتبارية المعلنة بحتمية «الحقائق المرة»
* وجه الملك حفظه الله في أكثر من مناسبة بأن يفتح المسؤولون أبوابهم وقلوبهم لمن أؤتمنوا على رعاية شؤونهم وإنجاز مصالحهم وفتحت الأبواب مشرعة للمظلمة ضد أي مسؤول كائن من كان أميرا أو وزيرا أو مديرا ولكن لا تزال هنالك العديد من الأبواب المغلقة بدواعي «الاجتماعات» وبروتوكولات «المكاتب الخاصة» وفرضيات «الغرور المخجل» ولا يزال داخل تلك المكاتب العديد من قصص الأخطاء ووقائع التعالي وشبهات المعاملات!!
* خرج الصحويون منذ زمن رافعين سلاح التشدد والتطرف وزجوا بأبرياء إلى ساحات أعراس الدم وأوهموهم بصكوك الغفران وكانت النتائج مدوية وفعل الإرهاب فعلته ولوث الفكر الضال المناهج وسمم التلقين العقلانية وما إن هدأت الأمور حتى خرج الليبراليون متخذين من الحيل الدفاعية سلما للشهرة على حساب الثوابت.. وظل ولا يزال الفريقان في صدام واحتدام.. وكلاهما متطرف باختلاف الفكرة فالأول يأخذ الدين من منبع «منع الحوار ونشر الفكر الذاتي والعزة بالقول والاعتزاز بالنرجسية» والثاني يتخذ من الحرية والهواية والشهرة ونبعا لنشر آرائه الخاصة.. فظل كلا الفريقين في ملعب دون «خطوط تماس وبلا مرمى ودون خطة سوى الذاتية فيما ظل «الحكام» وهم الوسطيين في مدرج الجمهور ليقينهم أن الجولات ستظل دون نتيجة!!
* نافست مكاتب المحامين والمدربين مطاعم «الوجبات السريعة» وتجاوزت أعدادها أعداد الكافيهات ومحلات التمور والمشاغل.. في ظل سوء تنظيم أشعر أمامه بالخجل أحيانا وأنظر إليه بالسخرية أحايين كثيرة.. الأمر الذي يعطي تنبوءات تشير فيما يخص بعض المحامين إلى «ارتفاع عمليات النصب» و»تزايد صفقات الاحتيال» و»غياب الرقابة» و»تغييب الضمير الإنساني» و»ارتفاع عدد القضايا وتأخرها.». أما المدربون فيذكروني بظاهرة الشعراء الشعبيين قبل سنوات عندما كانوا يكتبون الشعر بالمال وينشرون القصيدة بالدلال فطغت أعدادهم على أعداد عمال البناء لذا فإن ظاهرة تكاثر المدربين تنم عن فئات مجتمعية لا تفرق بين التدريب والوهم «وتدق ناقوس الخطر بشأن «شهادات الدكتوراه والاعتمادات المزورة» التي تصل للمدرب عبر شركات الشحن وهو يجهز لوحات مركزه التدريبي وينشغل بأعداد كروت العمل واضعا المناصب المجانية المبنية على الزور.
* لا تسعفني مساحة المقال ولكن في القلب حرقة وفي النفس غصة «من فساد خفي وعشوائية مفتعلة.. عزاءي الوحيد بشأنها أن هنالك قوائم وإدانات ربما سنراها قريبا لنعرف الواقفون في وجه التنمية والمضادون للخير والهائمون في جمع غنائم مصالحهم. الزمن كفيل بتهدئة قلقي ووقف طوفان توجسي وردم فجوة توقعاتي بحقائق تسر «الخواطر» وتعيد «الحقوق» وتؤنس «الأنفس» بسطوة المنطق وسلطنة الحق.