د. خيرية السقاف
رمضان كما قال الزهري: «تلاوة القرآن، وإطعام الطعام»..
والمتأمل في حث الرسول عليه الصلاة والسلام لنوال الجنة باتقاء النار يجده «ولو بشق تمرة»..
أي بإطعام صائم فقير لا يجد من الزاد ما يؤود به جوعه..
شق تمرة إطعام، فكيف بمن يستضيف الفقير، ويتفقد المعوز، ويأخذ البهجة من عنقها لدارهم، وينزلها في شغاف نفوسهم، ويطلقها بسمات على شفاههم،؟
والموسرون كثر، منهم من ينامون وهم صيام حتى إذا ما حل موعد الإفطار،
نهضوا ليأكلوا!!..
هؤلاء تصد بصيرتهم، وتحد بصرهم جوعة، وتلهيهم لقمة!!..
لكن الأكثر منهم أولئك الساعون في الخير، المطعمون، والمؤثرون على أنفسهم،
حتى أولئك الذين ولو بهم «خصاصة»!..
وعين رمضان ترقب الصائمين،
ما يفعلون من خير، وما يجهلون من مكسب، وما يغفلون عن
غرس..
كما فيه يتسابق النبلاء، الذين قبل أن يكونوا نبلاء فإن قلوبهم واجفة من الخشية،
عامرة بالحب، مفعمة باليقين:
«كل حسنة بعشر أمثالها»،
فكيف بعشر تمرات، ووزنها قطرات، وعديلها كلمات طيبات؟!..
نبضٌ لا يكل من الخفق حتى يشارك المعوز، ويُسعد الصابرَ، ويُبهج البائسَ!..
لله كيف تُرطَّب يا رمضان السُّلامات في الجسد،
وتُنعش السُّجف في النفس بالذكر..
شق تمرة، وآية تتُلى..
وهذا الكتاب معلم مبين
يهدي من وعاه، يلهم من تلاه، يطمئن من جعله سبيلا للوصل،
وبابًا للامتثال بين يدي الرحمن الرحيم..
لله درك يا رمضان، وأنت معلم في الإيثار، وفي العبودية..
في التهذيب، وفي الطاعة!!..
في الحاجة، وفي الطلب،
في التسديد، وفي الخلاص..