كنت قد كتبت مقالات عدة في هذه الصحيفة وغيرها عن أهمية الابتسامة من الناحية الدينية، والاجتماعية، والصحية. ونظراً لما أراه الآن من استمرار البعض -هداهم الله- عن هذه الصفة الطيبة، والتي أوصانا بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: في أحاديث مختلفة منها:
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة)..
وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: ما حجبني رسول الله منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي.
فإذا كان رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، كذلك فحريٌ بنا أن نتبع قوله، وفعله، لاسيما أن الابتسامة غير مكلفة، ولها آثار إيجابية على الفرد نفسه، وعلى المجتمع كله، فما أجمل أن ننشر البسمة في المجتمع حتى نخفف كثيراً من الآلام التي يعيشها الناس، في حياتهم، اليومية، وليس بالضرورة أن يكون المرء خالياً من الأزمات، والمشكلات، حتى يبتسم.
فلنحرص إشاعة الابتسامة في المجتمع، لأنها تغرس الإلفة والمحبة بين الناس إضافة إلى كونها سنة نبوية، ووسيلة دعوية، ومفتاحاً للقلوب، وكنزاً عظيماً تنفق منه على أهلك وإخوانك وجيرانك وكل من تقابله وتدعوه، وصدقة لا تكلفك هللةً واحدةً، وهي قبل كل ذلك صدقة تنتظرها عندالله سبحانه وتعالى.
والشاعر يقول:
بتبسمي أطفأت ألف ضغينة
وزرعت في قلب العليل ودادا
متجهم القسمات كم لاطفته
لأَسِلَّ من أضلاعه الأحقادا
ولذا نعود إلى عنوان المقالة الذي اخترته فلعله يكون مشجعاً على الابتسامة، ذلك لأنها تساعد على إطلالة مشرقةٍ ووجه بلا تجاعيد، ينفق كثيراً من الأشخاص أموالاً طائلة على كريمات، وما أدراك ما الكريمات التي لها من المساوئ الشيء الكثير، بل يخضع البعض إلى عمليات التجميل، على أمل إخفاء علامات السن، من على وجوههم لكن هناك دراسة أثبتت أنه يمكن للمرء أن يوفر على نفسه كل هذا العناء، بإتباع نصيحة واحدة ألا وهي ابتسم لتبدو أصغر سنًا. وخلص الباحثون إلى نتيجة مفادها: «الضحك لا يجعلك تبدو أصغر سناً فحسب لكن يجعلك أكثر صحة أيضًا».
لأنه يؤثر بشكل إيجابي في التنفس، كما يحسن أداء الدورة الدموية، ويقوي المناعة، ويسهل الهضم، ويجعلك سعيداً، وقد توصل إلى هذه النتيجة فريق من علماء النفس، وذلك بعد بحثهم عن العوامل التي من الممكن أن تؤثر في تقدير العمر الحقيقي للإنسان، ذلك لأن تعبيرات الوجه لديها تأثير جوهري في دقة تقدير العمر لكن تقدير عمر الأشخاص الذين تبدو عليهم السعادة غالباً ما يأتي أقل من عمرهم الحقيقي، وبرر الباحثون النتيجة التي توصلوا إليها بأن الخطوط التي تظهر على الوجه خلال الابتسامة تجعل من الصعب تقدير عمر الشخص، بشكلٍ دقيق، فالأشخاص الباسمون يتمتعون في تلك الحالة بميزةٍ تفوق الآخرين عندما يقوم شخص بتقدير أعمارهم، حيث سيأتي التقدير في الغالب أقل من عمرهم الحقيقي، كما أن الابتسامة يتم ربطها بالجاذبية وبالتالي تندرج تحت إطار الشباب.
ولذا فإنه لا عذر للإنسان السوي إذا لقي أخاه أو دخل على أهله في ترك التبسم، والبشاشة، والحفاوة، لأن هذه هي معاني الإنسانية، وهي دلالات الرحمة، وبراهين النبل، والكرم، والفضل والذين يبخلون بالبسمة إنما يدلُّون على أنفسهم بأنهم نفوس جامدة، يابسة، صفر من الرأفة، وصحراء جرداء من العطف، والحنان.
وأختم هذه المقالة المتواضعة حيث لا أحب الإطالة بقول الشاعر الذي يصف المتعالي والمتغطرس والمغرور بعدم تبسمه وعبوسه في وجه إخوانه وأهله ومن يقابلهم.
وجوههم من سواد الكبر عابسة
كأنما أُورُِدوا غصباً إلى النار
ليسوا كقومٍ إذا لقيتهم عرضاً
أهدوك من بشرهم سيماء أنوار
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم
مثل النجوم التي يسري بها الساري
ولذا أيها الإخوة الأفاضل احرصوا كثيراً على الابتسامة لما لها من الفوائد الكثيرة التي أوضحت جزاءً صغيراً منها...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
** **
d.salehalhamad@hotmail.com