العزلة بين وقت وآخر ليست أمراً سيئاً..
الكاتب ارتور شوبنهاور يقول في كتابه فن العيش الحكيم الذي ترجمه عبدالله زارو:
لا يكون المرء مطابقًا لذاته إلا إذا كان بمفرده..
لذلك فالكاره للعزلة كاره للحرية، إذ لا نكون أحراراً إلا في عزلتنا، فكل اختلاط بالناس يلازمه الإكراه لزوم الظل لصاحبه، ويفرض على المخالط تقديم تضحيات وتنازلات باهظة بمقاييس الميالين بطبعهم إلى الانفراد والعزلة.
قيمة الأنا وجودتها من عدمها تقاس بالنفور من العزلة أو بتحملها بل الهيام بها.. والهيام بها يتساوق مع الجودة العالية للأنا والشخصية.. فالبائس يستشعر بؤسه وبكل جوارحه في عزلته التي لا يطيقها جراء ذلك، كما يستشعر الراقي عظمته وسموه بكل جوارحه أيضاً في وحدته.
إن العزلة هي الميزان الذي تقاس به جودة الأشخاص من عدمها.. بقدر ميل الشخص إليها وعشقه لها يكون أهلاً لأخذ مكانه في مجمع الراقين.. والصفوة.
كما يقول ارتور شوبنهاور:
إنها متعة لا تضاهيها متعة أن يجمع الشخص بين العزلة الجسدية والعزلة الفكرية المتناغمتين أشد تناغمًا وإن تعذر على هذه الفئة من الناس تحقيق هذا المطلب فإنك تجدهم منزعجين بالغ الانزعاج لأن الظروف القاهرة أجبرتهم على معاشرة أناس متبايني الطباع والميولات والمقاصد.
كتاب فن العيش الحكيم تأملات في الحياة والناس صدر ضمن منشورات ضفاف.