فضل بن سعد البوعينين
لم تكد حادثة استهداف أربع ناقلات نفط قبالة سواحل دولة الإمارات تمضي، حتى حركت إيران وكلاءها الحوثيين لضرب محطتين لضخ النفط في السعودية. أهداف نفطية منتقاة وفق رؤية استخباراتية تهدف للفت الأنظار نحو قدرة النظام الإيراني على عرقلة إمدادات نفط دول الخليج، والتأثير على الأسواق والاقتصاد العالمي. استهدفت العمليات الإرهابية المنفذة في «الفجيرة» و «الدوادمي»، و»عفيف»؛ قنوات تصدير النفط البديلة التي تعتمد عليها السعودية والإمارات لتجاوز مضيق هرمز في حال الاستهداف الإيراني المنظّم؛ كما حدث في حرب الناقلات خلال حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران.
تهديد أمن الطاقة من الأدوات التي يستخدمها النظام الإيراني لحماية نفسه من العقوبات الدولية والمواجهات العسكرية الرادعة؛ ومنها التهديدات الأميركية الأخيرة؛ التي تدفعه نحو الهاوية، ما حمله على استخدام عملائه ووكلائه في المنطقة لتنفيذ عمليات إرهابية منظّمة بقصد تخفيف الضغط عنه، وإرسال رسائل تحذيرية لأميركا ودول المنطقة والمجتمع الدولي.
لم تكن السعودية وحدها المقصودة بالعمل الإرهابي؛ الذي تبنته جماعة الحوثي الإيرانية؛ بل المجتمع الدولي الذي سيتضرر من أية تهديدات يمكن أن تتسبب في تعثر إمدادات النفط، حيث يعتمد العالم على النفط كمصدر رئيس للطاقة، وكمحرك لاقتصاديات الدول الصناعية على وجه الخصوص، كما يتطلب الاقتصاد العالمي أسعار نفط مستقرة لمعالجة مشكلاته وتعزيز نموه، الذي ما زال هشاً منذ أزمة العام 2008. وعلى الرغم من محدودية الاعتداء الإرهابي على المنشآت النفطية؛ وعدم تأثر الإمدادات به؛ إلا أن أسعار النفط قفزت بحدود 1.5% وكان من الممكن أن تواصل ارتفاعها لولا تصريحات أرامكو المسؤولة، التي أكدت فيها استمرار إمدادات عملائها من النفط الخام والغاز وعدم تأثرها نتيجة الحادث الإرهابي وعزمها زيادة إمداداتها لأوربا. أسهمت تصريحات أرامكو السعودية في طمأنة الأسواق والحد من الارتفاع المفاجئ للأسعار، وهو إجراء يؤكد التزام المملكة بأمن الطاقة؛ واستقرار الأسواق وتوازن الأسعار، وتعاملها بمسؤولية مع المتغيّرات العالمية والتهديدات المؤثّرة في استقرار الأسواق. تجتهد المملكة لتحقيق أمن الطاقة من خلال تعزيز طاقتها الإنتاجية وضخ استثمارات كبرى للمحافظة على معدل الطاقة الإنتاجية الفائضة التي تُستخدم في الأزمات العالمية، وتوفير الحماية اللازمة لمنشآتها النفطية وبما يمنع الانقطاع المفاجئ للإمدادات؛ غير أن تلك الجهود لم تعد كافية مع وجود التهديدات الإرهابية الخارجية ومصدرها الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران وفي مقدمها جماعة الحوثي في اليمن، ما يستوجب عملاً دولياً مشتركاً يسهم في قطع أذرع إيران الإرهابية في المنطقة، ومحاسبتها، وإعادة الأمن والاستقرار لليمن والعراق وسوريا وطرد الإيرانيين منها.