عبد الله الصالح الرشيد
أيامنا والليالي كم نعاتبها
شبنا وشابت وعفنا بعض الأحوالي
إن أقبلت يوم ما تصفى مشاربها
تقفى وتقبل وما دامت على حال
في كل يوم تورينا عجايبها
واليوم الأول تراه أحسن من التالي
تذكرت هذه الأبيات عن صروف الأيام والليالي وخطرت على بالي معانيها ومراميها وأنا أسرح الطرف وأقلب الفكر وأتأمل ملياً مصير الحياة ومحطاتها وهي تأخذ بعد حين وآخر بإرادة الله صفوة الناس الطيبين الأخيار ممن ملؤوا الدنيا شهامة وشجاعة وبذلاً وعطاءً وشهرة ومن ثم يذهبون ويتركون بعدهم الفراغ العريض ونفتقد برحيلهم وجوههم السمحة الرضية ونتذكر خدماتهم النبيلة وأعمالهم الجليلة لوطنهم وأبناء وطنهم ومجتمعهم فسبحان مقدّر الأقدار ومحدد الأعمار ومقلّب الليل والنهار.
إلى هنا لا أدري كيف أبدأ وكيف أصف مشاعري وأنا أتلقى خلال فترات متقاربة من عامنا هذا وحتى دخول شهر الرضا والمحبة والرحمة والمغفرة رمضان بعض الأخبار المفاجئة المؤلمة عن رحيل صفوة من الأحبة الأخيار أقارب وأصدقاء وزملاء وجيران ممن ترجلوا من موكب الحياة إلى مركب الرحيل الأخير إلى الدار الباقية ولا أملك أمام هذه المواقف إلا الترحم عليهم والدعاء لهم من الله بأن يمنّ عليهم برحمته ورضوانه ويسكنهم بجواره في دار النعيم المقيم في الفردوس الأعلى إنه جواد كريم.. وإليك عزيزي القارئ نبذة مختصرة عن حياة بعض أحبتنا الراحلين:
1- عبدالله العلي السليمان الهندي
أحد أبناء الرس العصاميين، قضى زهرة شبابه، بل جلّ حياته الوظيفية في الرس التي أحبها وأخلص في خدمتها حتى تقاعده عن العمل مديراً للأحوال المدنية في محافظة الرس، كانت في عهده وما زالت في ذروة الانضباط والإنجاز والتنظيم وما زال الناس يذكرونه بالخير ويقدرون حسن تعامله طيلة حياته الوظيفية.. رحمه الله وأسكنه جنات النعيم.
2- عبدالله المحمد الخربوش
فقيد غالٍ عاش عمره عصامياً مكافحاً أفنى سني حياته في خدمة دينه ووطنه وأسرته، كان مثالاً يحتذى في الشهامة والكرم صاحب نخوة ومروءة. يأسر القلوب بحديثه وإنسانيته، وكلمة حق أقولها عن فقيدنا أبي محمد أنني لم أذكر في حياتي أن جاءت سيرته في أي مناسبة إلا والجميع يذكره بالخير ويثني عليه ثناءً عاطراً لما عُرف عنه من دماثة الخلق ونبل التواضع وصادق الوفاء سمحاً لطيفاً. وقد عانى في سني عمره الأخيرة من أعراض مرضية متعددة زادت مضاعفاتها حتى توفاه الله.
وقد خلف وراءه الذكر الحسن وأنجب أبناء شقوا طريقهم في مدارج العلم وخدمة الوطن، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر أكبر أبنائه الأستاذ محمد العبدالله الخربوش.. وفي الختام نضرع إلى البارئ عز وجل بأن يتغمد فقيدنا بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.
3- عبدالله الناصر القريان
فقيدنا الغالي أحد أبناء الرس المتميزين بالصدق والأمانة وحسن التعامل، رجل فاضل بمعنى الكلمة أمضى حياته بعد تخرجه معلماً وموجهاً في حقل التربية والتعليم حتى تقاعده وكان موته مفاجئاً حتى لأهله، حيث كان -رحمه الله- يتمتع بصحة جيدة كما علمت من ابنه عبدالعزيز في محادثة العزاء وقد جاء خبر وفاته في النشرة التي تصدر يومياً وتبث في رسائل تليفونية من قِبل القائمين على جامع الشيخ خليفة الشايع -رحمه الله-، حيث استقبال المتوفين وتنظيم شؤون دفنهم ليس من الرس وحده، بل من مئات القرى والهجر والبلدات المحيطة بالرس ومن مسافات بعيدة. رحم الله فقيدنا الغالي عبدالله القريان وأسكنه فسيح جناته.
4- عبدالله منصور الرثيع
قبل أن تتعرف عليه لأول وهلة في حياته وتقابله لأول مرة لك أن تتطلع إلى وجهه الباسم الرضي المضيء ونبل حديثه معك وصادق احتفائه بك ستجد أمامك رجلاً فاضلاً وإنساناً مثالياً صاحب وجه بشوش وقلب نظيف ومروءة يندر مثالها.. رحل عن الدنيا ولم أعرف عن ذلك إلا بقراءة إعلان صغير منشور من أحد أبنائه يناشد من له حقوق على والده ويبدي استعداده بالوفاء بها إبراءً لذمة والده كما هي عادة الأبناء البررة والبنات الصالحات عند رحيل آبائهم وأمهاتهم.
وماذا عساي بعد ذلك أن أضيف إلى سيرة رجل فاضل عاش حياته مخلصاً في عمله محباً لوطنه وفياً متواضعاً مع زملائه وأصدقائه ومثله لا ينسى ولا يغيب عن الذاكرة.. رحمه الله وأكرم نزله مع عباده الصالحين.
5- عبدالله حمد البلي
رحل هذا الإنسان الخلوق بهدوء كما عاش حياته بهدوء، كان زميل دراسة بالمراحل الدراسية الأولى وكنا في الماضي نسكن في حي المفرق وسط الرس القديم كانت بيوتنا متجاورة وأسرنا مترابطة، نجتمع في المناسبات والأعياد وكان الفقيد قد أفضى إلى ما قدم وجهاً مألوفاً سمحاً رضياً لا تمل حديثه لكن ظروف العمل ومشاغل الحياة وتطور المدن من أهم الأسباب في ندرة التواصل ومع ذلك ستظل محبة هذا الإنسان لا تُنسى، فله منا الدعاء بأن يرحمه الله ويغفر له ويجمعنا به في دار كرامته ومستقر رحمته في الفردوس الأعلى بمشيئة الله تعالى.