د. خيرية السقاف
تكاد أن تمضي..
وأنت شهر القرآن فكيف هو حال الناس فيك مع آياته وسوره؟!..
تلاوة واجفة؟، بوعي ذات عارفة، للنوال لاهثة، أم ثمة انشغال بلقمة لذيذة، وكسوة لطيفة، وجَمْعةٍ أليفة؟!..
والوقت للقرآن مبسوط بين أيدي الصائمين فيك،
وقد خصك الله بنوره، ومنحك نزوله، وشملك بنفحات أسراره، ومسرات فضائله..
فيك العارفون يتلون، ويكررون، وفيك الواجفون يتوسلون ويشفقون،
وفيك يا رمضان تضاء الليالي، وتنبسط النهارات،
دبيب الصدور همهمات، ووعي الغفلة خشية، وقرُبات..
فيك تعلو الأصوات تلاوة، وتنخفض رخاوة، وتندى استرحامًا، وتدنو تقربًا ورجاء،
آياته وسيلة، وتلاوته سبيل..
قيل عن بعض العابدين إذا أقبلتَ عليهم تفرغوا فيك للقرآن، من كان يتلوه مرة في كل شهرٍ، فيك يختمه سبعًا، وعشرًا، وأكثر، يتركون فيك نوافل العبادات ليجعلوك به عامر اللحظات..
أنت نور، على نور، ببهجة القرآن منذور..
لله درك يا شهر الوفاء، والعطاء..
تهيء للغافل وقتا، تيسر للمتواكل عزمه، ترخي على الموجفين من غفلتهم، الراجفين من قصورهم، المنتهزين فيك فرصهم ظلال لطف الله..
فيك الصغير الذي يجهل، والكبير الذي يغفل يتعرفان ما جهلا، وغفلا عنه في أيام انفرطت،
فالعزيمة فيك تتقد، والقدوة فيك تَحضر، والحقائق فيك تتجلى..
وقد غادرَت أركان النفوس، وساحات المثول في سواك..
وكتاب الله كنز بين الأيدي، منجم يغترفون، نبع يُسقون، ملاذ نور يملأ الجوانح،
والملامح، ويمد المرء بهباته، ومكتنزاته..
أنت باب القربى بالذكر، ومناط الحكمة بالفرض..
يا رمضان،
النفوس الناهضة فيك تغتسل ببرد الآيات،
بكلام الرب تتسلق حبلا موصولا،
علَّ الخلاص، علَّ الخلاص
طمعا في البرء، رغبة في الشفاء ..
تلك سبلك المشرعة، وغاياتك المترعة..
لله درك يا رمضان..