سمر المقرن
مشاهد في الشوارع.. مقاطع فيديوهات وصور كل يوم تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كلها مع بالغ الأسف تحمل صوراً لسلوكيات سلبية تحدث في نهار رمضان، وتصدر تحت تأثير الصيام، ما ينعكس تماماً مع أهدافه الروحانية ويناقض الأهداف الأساسية من الصيام في تهدئة النفس وارتفاع مستوى الروحانية لدى الإنسان.
قبل عدة أيام تحدثت عبر سناب شات لمتابعني عن موقف عارض حدث أمامي في نهار رمضان، وقد أخذ الحديث معي مسار السخرية لأن بعض الأحداث لا يُمكن إلا أن نسخر منها لتصل رسالتنا، وقد أطلقت على الشخص وصف (صايم مرررة) فأخذ الوصف تفاعلا كبيرا حتى تحول إلى يوميات في سنابي تحت نفس الاسم ويشاركني متابعاتي ومتابعيني، وتأتي بهذا الأسلوب ليس بهدف السخرية فحسب، بل لأن الهدف أعمق في أن تظهر الرسالة بلغة بسيطة وقريبة من كل الناس، ولا ننسى أهمية السخرية في الأدب وفي معالجة القضايا بالطابع المرح الذي يقبله الناس، خصوصاً إذا جاءت من شخص لديه هذه الملَكة والقدرة والتفريق بين السخرية والتجريح!
تكثر دائماً في شهر رمضان المقالات والبرامج التوعوية التي تندد بالسلوكيات الخاطئة، وأغلب التركيز على التبذير في المأكل والمشرب أو السهر أو متابعة المسلسلات، بمعنى أن نفس التحذيرات تنطلق كل عام ومع ذلك لا تتغير السلوكيات، إنما الحالة الانفعالية لبعض الصائمين قليل جداً مناقشتها وبرأيي لا تقل أهمية عن غيرها إن لم تكن الأهم، فهذا السب وهذا الشتم بل وحتى الضرب والمعارك التي نراها في مشاهد شبه يومية تخرج باسم الصيام وهو بجماليته وروحانيته منها براء. أضف إلى ذلك سلوكيات الطريق وقيادة السيارة وبعض التصرفات الهمجية التي تعترضنا من وقت لآخر ويبرر أصحابها هذه الأفعال بالصيام!
في رأيي الشخصي أن الصيام ليس مصدراً لهذه الانفعالات مطلقاً، بل إن الشخص بذيء اللسان والذي تعود على الألفاظ السيئة يقوم بنفس أفعاله عند الصيام، والشخص الذي لا يحترم الآخرين ويتجاوز عليهم في حياته الطبيعية فإن الصيام ليس سبباً ليقوم بها مجدداً، ومن يُمارس العنف في حياته طبيعي أن يُمارسه في صيامه، فلا يُمكن أن نجعل الصيام سبباً في هذا، إنما هو مجرّد رمي الأسباب على الصيام، الغريب أن كل ما يدور من مشاهد سلبية تحدث في نهار رمضان لم نرَ من بينها امرأة تشتم أو تضرب لأنها صائمة، فلنعود إذن إلى جذور الفكرة ويتعلم الانفعاليون جيداً من النساء!