محمد آل الشيخ
ماذا لو حصل اشتباك بين أمريكا وإيران؟.. أعرف أنه احتمال ما زال بعيدًا، غير أن من يرصد تطورات هذه الأزمة، التي تزيد احتمالات تفجرها مع الزمن، يجد أن شرارتها قد تنطلق في أي لحظة، وربما عن طريق خطأ غير مقصود، قد يرتكبه أحد الطرفين.
أول المتضررين فيما لو حدثت هم بلا شك القطريون، حيث ستقصف إيران قطر بالصواريخ بكثافة، لأن الطائرات الأمريكية ستنطلق من قاعدة العديد القطرية، ولأن الصواريخ الإيرانية بدائية، وتفتقر إلى الدقة في التصويب، فإن من المتوقع جدًا أن تصل إلى عاصمة قطر الدوحة صواريخ طائشة، تكفي لأن تجعلها غير آمنة.
عندما غزا صدام الكويت، اتجه الكويتيون إلى المملكة هربًا من الجيش الغازي، وقد استقبلهم السعوديون ووفروا لهم كل أسباب الحياة الآمنة، أما الشعب القطري فلن يجد منفذًا يهرب منه، والمنفذ البري الوحيد منفذ سلوى مغلق؛ عندها سيدرك القطريون معنى عمقهم الاستراتيجي الذي تلاعب فيه بحمق وغباء نظامهم الحاكم، ومدى قصور نظر من يحكمونهم، وعدم قدرتهم على استشراف المستقبل واحتمالاته.
طبعًا لا أشك لوهلة أن حكومة المملكة ستقوم بواجب المجورة والاخوة (وتزبنهم)، لأنهم لم يستشاروا في تصرفات نظام الحمدين الطائشة الحمقاء، وهم مغلوبون على أمرهم، فضلاً عن أننا نتعامل بأخلاقنا وليس بأخلاق الحمدين القذرة، والشعب القطري أخوة أشقاء لنا، ولا ناقة لهم فيما جرى من نظامهم تجاهنا ولا جمل.
هنا تطفو على السطح المقولة المأثورة التي تقول (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه)، فعوامل قوة وإمكانات الدول وقدراتها السياسية وبالذات الجغرافية لا يمكن أن تُشترى بالمال كما توهم ابن خليفة وولده، وكان من المفروض أن يأخذ المخططون القطريون ذلك في الاعتبار، غير أن الرغبة الجامحة في البحث عن دور وقيمة وتاريخ هو في تقديري الذي انتهى بهم إلى هذا المأزق.
وكنا نضحك عندما صرح حمد بن جاسم أن الطائرات الأمريكية فيما لو وصلت المماحكات بين الولايات المتحدة وإيران إلى استعمال القوة، فلن تقلع من قاعدة العديد في قطر، وهذا غير صحيح، فقطر عندما قدمت قاعدة العديد للولايات المتحدة لم تشترط أي شرط، فقد كانت تلك الاتفاقية اتفاقية إذعانية، وقعها القطريون دون أن يقرؤوها، لذلك فلا يستطيعوا الاعتراض على استخدام أراضيهم من قبل الأمريكان على الإطلاق.
والنقطة الجوهرية هنا، التي يدركها القطريون تمام الإدراك، أن قطر فيما لو تم أي اشتباكات بين أمريكا وإيران، لن تكون بلدهم آمنة، فضلا عن أن قطر تخلت من أي ملاجئ يمكن أن يلجأ إليها القطريون.
الأمر الآخر هنا أن هذه الأزمة إذا استمرت، ولم يذعن الإيرانيون للشروط الأمريكية، وهذا أمر محتمل، فإن إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم مستحيلة، لأن المنطقة ستكون ملتهبة، ومعرضة لأي سبب قد يؤدي لاشتعال حرب تكون قطر طرفا فيها مما يجعل الأرض القطرية غير آمنة لإقامة مثل هذه البطولات.
والسؤال هنا: هل كان القطريون بعبثياتهم وتدخلاتهم وحماقاتهم يدركون أنهم سيصلون إلى هذا المأزق حينما أنفقوا المليارات لإقامة هذه البطولة على أرضهم؟
إلى اللقاء