خالد بن حمد المالك
موافقة المملكة وعدد من دول الخليج على طلب الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة انتشار قواتها العسكرية على أراضي ومياه دول خليجية لم يأت من فراغ، أو من عدم حاجة دولنا لهذا الانتشار، وفق التطورات والمستجدات التي تمر بها المنطقة، وبينها حشد أمريكا لقواتها في مواجهة التهديدات الإيرانية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
* *
والأهم أن هناك اتفاقيات ثنائية بين أمريكا من جهة ودول خليجية من جهة أخرى، تتضمن ردع إيران من القيام بأي اعتداءات محتملة قد تصدر عنها ضمن سلوكياتها المزعزعة لأمن المنطقة، كما جاء ذلك في معلومات موثقة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط، ما يعني أن الهدف من هذا الانتشار ردع إيران بعمل مشترك بين أمريكا ودول الخليج، فيما لو صعدت إيران من موقفها عسكرياً، وفكرت في مهاجمة دول الخليج، أو مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
إذاً فانتشار القوات الأمريكية - كما هو في خبر الشرق الأوسط - لم يكن غاية، وإنما وسيلة أفرزتها التوترات في المنطقة، مع أن المملكة والدول الخليجية ليست راغبة في الحرب، وإنما همها الأول والأخير ردع إيران من أي محاولات لجر المنطقة للفوضى، وبالنسبة للمملكة فإن إعادة انتشار القوات الأمريكية سواء في مياهها الإقليمية أو في أراضيها، إنما يؤكد أن أمريكا لا تتخلى عن دولة محورية ومهمة مثل المملكة، بل إن هذا ينفي كل المزاعم التي تتحدث عن فتور في التحالف بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية.
* *
وإذا كان لأمريكا مصلحة في إعادة انتشار قواتها، فإن للمملكة هي الأخرى، ومثلها دول الخليج مصلحة أيضاً، فهذا الإجراء يهدف إلى حماية مصالحها التي تتعرض للتهديدات المتواصلة من نظام طهران، وينسجم هذا التوافق بين المملكة وأمريكا - تحديداً - مع الاتفاق العسكري بين الدولتين الذي مضى عليه أكثر من خمسين عاماً وما زال صامداً وقوياً، وهو اتفاق يندرج ضمن مفهوم التحالفات الدولية للتعاون المشترك ضد خصومهم.
* *
إيران بهذا التحالف مع أمريكا لإعادة نشر قواتها لن تستطيع الاعتداء على تحالف قوي كهذا التحالف الأمريكي - الخليجي، وخاصة أن إيران لا تفهم إلا لغة القوة، وهذه أقوى رسالة لردعها، حتى لا تجر المنطقة إلى أتون حرب لا مصلحة لأحد فيها؛ فردع إيران هو الخيار الأول والمفضل لأمريكا وللمملكة التي هي ملتزمة بحماية أمن واستقرار مواطنيها، وعدم السماح بتأثرها بالتوترات التي تدفع إليها إيران، أما الخيار الثاني فهو الحرب التي لا قدرة لإيران لمواجهتها مع وجود هذه التحالفات بين أمريكا وعدد من الدول الخليجية.
* *
وباختصار شديد، فإن اعتداء إيران على السفن الأربع في الفجيرة، والهجوم الإرهابي الحوثي على خط النفط وسط المملكة، هو سلوك إيراني معتاد لدفع المنطقة نحو حرب كارثية جديدة، غير أن حسابات المملكة تتجه نحو ردعها بديلاً للحرب متفقة في ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية وأشقائها في دول الخليج، لكن إذا ما جرت إيران المنطقة إلى حرب، فإن الخسائر الموجعة ستكون محصورة في إيران نفسها.