رجاء العتيبي
علي الهويريني قال رأيه في ثلاث قضايا رئيسة مع عبدالله المديفر في برنامج الليوان على قناة روتانا خليجية, الأسبوع الماضي, قال رأيه ومضى, وما كان ينبغي أن نلحقه مزمجرين ومخطئين ومجادلين وغاضبين وساخرين وحاطين من قدره, هل كل من قال رأيًا مخالفًا للسائد يلحقه ما لحق الهويريني؟ لو كان الأمر كذلك للزم الناس الصمت خوفا من سخط المعارضين, وهل هذه البيئة بهذا الشكل بيئة صحية للحوار؟
الهويريني لم يفرض رأيه, ولم يقل أن استنتاجاته صحيحة 100% وما عداها خطأ, قال ما قال عن الفتوحات الإسلامية، والجاذبية والسينما والمسرح والمرأة, ليقل أبو عبدالله ما يشاء فهو مجرد رأي، ولغيره آراء أخرى, أما أن يسفهه البعض, ويسخرون منه, ويتطاولون عليه, فلا أظن ذلك من شيم الرجال, ولا من آداب الفكر, ولا من فنون الحوار.
للآخرين الحق في معارضته بآراء أخرى بأدب وتقدير واحترام ولا ضير في ذلك طالما أن المحاور لم يصل لشخصية الهويريني, أو لشخصنة الموضوع, فالموضوع يبدو ثريا عندما يتناوله المهتمون من أكثر من جانب, فالزاوية الواحدة لا تكفي لفهم موضوعات معمقة لها تاريخ وأبعاد وزوايا.
هدف الحوار أن يفهم أحدنا الآخر, إذا فهم كل منا الآخر, سهل علينا تعميق التواصل وصار للتقدير موقعًا ومكانا وأهمية, الحوار ليس هدفه الإقناع, ولا الانتصار للذات, ولا الإقصاء ولا الاتهام ولا السخرية, الحوار يؤكد أن الحقيقة لا يملكها أحد, ليست مطلقة وإنما هي نسبية, بالبراهين والأدلة والوقائع نثبت أعلى نسبة من الحقيقة وليس كلها.
الهويريني قارئ جيد, ولكنه توقف عن القراءة من 20 سنة, ولكن ذهنه بقي حاضرًا, وعقله ظل متوقدًا, يرى ويسمع ويتابع ويقيم, جعل من العقل دليله, قال شعرًا ونثرًا, يحب وطنه ويحب مجتمعه ويحب من حوله.
مسرحيًا رافقت أبو عبدالله في أعمال مسرحية وحوارات فنية, جلسنا معه كثيرا, وفي كل مرة يجادلنا ونجادله في قضايا فكرية وثقافية وفنية, جلسته لا تمل مليئة بالفكر، لا يحب التفاهات ولا السماجات, في منزله تجده في المجلس بجوار (الوجار) يشعل النار ويصنع القهوة والشاي بنفسه, يحرك النار كثيرا بالملقاط ولا يدعها تموت ينفض عنها الرماد ويعيد جذوتها لمزيد من الإمتاع والمؤانسة.
ليس بالضرورة أن أتفق مع كل أطروحات علي الهويرني ولكنني أحترمه كإنسان ومسلم, واتفق معه وأختلف, ويبقى صديقًا مسرحيًّا ما دام أن ناره لم تنطفئ وما دامت جنيته نشطة وما دامت مقلتاه لم تجفا.