خالد بن حمد المالك
الطريقة التي تدير بها قوى الاعتصام في كل من السودان والجزائر مشروعهم للتغيير لا تتماشى مع ما هو مطلوب للتحول وفق إرادة الشعب ومتطلباته، والرغبة بأن يكون التغيير جذرياً، وليس ملامسة فقط لما كان سبباً لهاتين الانتفاضتين في الدولتين الشقيقتين.
* *
مشاهد الاحتجاجات بدأت سلمية ولا تزال، مع بعض الخروقات المحدودة، لكن عدم التوافق بين المحتجين على آلية تسمح بنقل السلطات بتعديلاتها الجديدة بشكل سلمي إلى قوى جديدة قادرة على تحسين الحياة، وبتر كل أسباب الفساد، وتوفير الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، ربما أدى ذلك إلى مزيد من التصعيد، وعدم القدرة على ضبط سلوك المعتصمين.
* *
ومحاولة سرقة الثورتين، أمر وارد، في ظل التدخلات الخارجية، واستسلام بعض القوى الداخلية لإغراءات الخارج، دون التفكير بما قد يسببه ذلك من فوضى وعدم استقرار، بل وعدم الوصول إلى صيغة توافقية تسمح بمرور الإصلاحات، وبناء المؤسسات، والقضاء على كل ما كان سبباً في عرقلة النمو والتطور، وإهدار الفرص التي كانت متاحة لتكون الدولتان في وضع أفضل.
* *
خوفي على الجزائر والسودان، يأتي من المشاهد التي أراها في ميادين الاعتصام، وتأخر الوصول إلى حلول مرضية للجميع، ومن تسارع الأخبار المحرضة لإذكاء نار الفتنة، ونقل الحركتين السلميتين إلى صراع مرير لا يستفيد منه إلا العدو الذي لا يريد الخير للدولتين. ولتجنب ذلك لا بد من تسريع وتيرة الوصول إلى رؤى تتفق عليها كل القوى الفاعلة في الميدان.
* *
أقول لإخواننا في الجزائر والسودان: هذه مرحلة مفصلية، تحتاج إلى التصرف الحكيم، وتحكيم العقل في إدارة التحول بتمعن وتبصر، ووضع اليد على الجروح، واستثمار الاعتصام من مشهد إعلامي إلى عمل وتوافق وبناء؛ فهذه مرحلة مهمة ومفصلية في تاريخ الدولتين، وأكبر خطأ أن تفوت الفرصة دون حلول واقعية، ومن غير أن يستفيد الأشقاء في السودان والجزائر من تجربة سوريا والعراق واليمن ومصر وتونس وليبيا، وكل من ناله ما ناله من إيجابيات أو سلبيات فيما سمي بالربيع العربي.
* *
لا نريد أن نرى الجزائر والسودان كما رأيناه من قبل في دول عربية أخرى، انحرفت فيها المطالب بالتغيير إلى ما هو أسوأ، وتحولت مشاهد الاعتصام إلى نذير صراعات وخلافات؛ بسبب تدخُّل خارجي، وتأثيرات قوى معادية لإرادة الشعبين؛ فالمتربصون كُثر، ومن لا يريدون للجزائر والسودان أن يتعافيا مما كان محل شكوى الشعبين الشقيقين أكثر مما يتصوره المعنيون بالتغيير المنتظر.