م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. هناك من يكتب لأنه يجد نفسه فارساً لا يشق له غبار على الأوراق البيضاء.. أو لأنه يتنفس بالكتابة فهي له رئة ثالثة.. أو لأنه يتعرف على نفسه حينما يكتب.. أو حتى يَدُسّ أفكاره وأحلامه من خلالها فهو يكتب ما لا يستطيع قوله.. أو لأنها تريح أعصابه.. أو تثير في ذهنه الأسئلة وتضع رؤوس الأقلام للأجوبة.. أو حتى ينفض عن كاهله الجدل الصاخب الذي يعتلج في وجدانه.. أو لكي يكتشف الفردوس الساحر الذي يتمناه.. أو حتى يصرخ ويثور ويسخط ويضع نفسه وجهاً لوجه مع نفسه.. وهناك من يكتب حتى يُقنع أو يؤثر أو يُضحك أو يُبكي.. أو يخفي كذبه بمهارة بين السطور.. أو لأنه يرى الخيال أجمل من الواقع!
2. لا شك أن الكتابة تمنح الكاتب مساحة أرحب للتفكير.. وتمنحه سيطرة مطلقة على الورقة البيضاء فلا يكتب عليها إلا الذي يريده.. كما تمنحه قدرة أكبر على التعبير الدقيق بعيداً عن التكرار والاجترار.. وتتيح للكاتب أن يوثق ويدون ما يريد دون شطط أو قصور أو فضول أو نسيان.. فالكتابة هي وسيلة لربط الكلام وتدوين الأفكار وحفظ الحقوق وتثبيت العقود والشروط.. وهي كذلك الوسيط لبث الشجن والحنين والشوق واللهفة والفقد والحزن والفرح.. وكل المشاعر الدقيقة الرقيقة الحميمة الخاصة العميقة.. السرية منها والمعلنة.
3. يقول أحد الكتاب: كنت دائماً أستيقظ مبكراً.. وكلما تقدمت بي السن زاد بكوري المكتبي.. ومنذ أن تفرغت للكتابة وأنا أضع رأسي كل ليلة على وسادتي مستعجلاً الصباح حتى أذهب إلى مكتبي.. أعرف أن هذا شغفاً متجاوزاً.. لكني أجده شغفاً لذيذاً لا أملُّه.. ما زلت ذلك المراهق الذي يفضل أن يختلي بكتاب وورق وقلم.. ليس أكثر.
4. الكاتب يكتب حينما يفكر.. ويكتب حينما يخطط.. ويكتب حينما ينفعل.. ويكتب حينما يفرح أو يحزن.. فالكتابة تتيح له إعادة النظر فيما يفكر فيه.. وتنسيق ما يخطط له.. وتُنَفِّس عنه حينما يتوتر.. وتُعَبِّر عن خلجاته حينما تتطرف مشاعره.
5. يقولون إن الذي يكتب يقرأ مرتين.. الكتابة لا شك أقوى وسيلة لترسيخ المعلومة أو إيضاح المفهوم أو بلورة الرأي في ذهن الكاتب.
6. الكتابة مخاض وولادة.. الكتابة إبداع.