فهد بن جليد
المتسوق السعودي هو الأكثر إنفاقاً في المنطقة، لذا يبقى الأهم في عيون كثير من قطاعات التسويق في الدول المُجاورة التي تُحاول مُغازلته بتوفير «بيئة ومناخ» جاذب ومُريح ليتبضع فيه خصوصاً نهاية شهر رمضان المُبارك وأيام العيد، وهنا أقترح أن تتبنى وزارة التجارة والاستثمار أو الغُرف التجارية، إطلاق مُبادرة التسوق بشكل «متواصل» طوال أيام وليالي رمضان والعيد بطريقة جاذبة مُنظمة ومُعلنة، بمُشاركة المولات ومراكز التسوق الراغبة، بدلاً من عشوائية التسوق بعد صلاة الفجر التي ستزداد في الأيام القليلة المُقبلة مع اقترابنا من أيام العيد وإيداع الرواتب آخر الشهر، عندما تفتح بعض المولات أبوابها صباحاً للزبائن لتتكسَّب منهم مع زيادة الطلب، اختبار مثل هذه المُبادرة التنشيطية والتسويقية والتنظيمية على مستوى المولات في المُدن الكُبرى موسم رمضان والعيد، ربما نقلنا إلى مرحلة جديدة نسترد فيها جزءاً من أموال المُتبضعين السعوديين الذين ينفقونها في مولات وأسواق الخارج لسببين «وهميين» هما فرق «النوعية والسعر»، بينما حقيقة الأمر أنَّه الذكاء في «التسويق الجيد» الذي خلق مثل هذا الجذب والفهم، عندما فشلنا في مُجاراتهم بتسويق أجود النوعيات وأفضل الأسعار، فما ينقصنا -برأيي-مُبادرات وخطط تسويق جماعية، توقف حروب الكسب السريعة والفردية.
فهم دور التاجر في خلق صورة نمطية عن بلادنا أخاله غائباً تماماً عن أسواقنا، فكل تاجر لدينا يعمل بمعزل فلا خطة تسويقية عامة يعمل الجميع تحت مظلتها بشكل منظم ووفق أهداف وإستراتيجيات واضحة ومُلزمة، في الدول السياحية والناجحة في جذب المتسوقين «هامش الربح» المعقول والمُرضي عقيدة يؤمن بها الجميع كجزء من شخصية تسويق البلد، هذا الأمر خلق نوعا من الالتزام الأخلاقي غير المُعلن عند «التجار أنفسهم» لتقديم «هامش ربح» مُنافس ومعقول ليربحوا جميعاً في نهاية المطاف بطريقة تكاملية خفية، ظاهرها «التنافس والتنوع» وباطنها «التكامل والتكاتف».
هناك جهة ما يجب أن تقوم بمثل هذا الدور التسويقي والترويجي لخلق «صورة عامة» لأسواقنا ومولاتنا، بما لا يؤثر على حرية الأسعار التي تخضع لفلسفة العرض والطلب بين التاجر والمتسوق، ولكن حالات التكسب بأرباح «مُضاعفة» وأسعار مُبالغ فيها موجودة، وبرأيي أنَّها -لا تخص -التاجر السعودي أو المستثمر الأجنبي وحده، بل هي من تخلق الصورة النمطية التي نبحث عنها لبيئتنا الاقتصادية، خصوصاً إذا ما توفرت مثل هذه السلعة في مكان آخر بسعر أقل من نفس المصدر، فهنا لا نلوم «المتسوق السعودي» عندما يبحث عن السعر الأفضل.
وعلى دروب الخير نلتقي.