أمل بنت فهد
إتقان دور الضحية علة أزلية لدى الإنسان، لم ولن يتخلص منها، لأنها الباب المكسور الذي يهرب منه ويظن أنه هرب سالماً، ونفض يديه من المسؤولية، لأن الضحية تحصل على التعاطف، وكثيراً ما يغض الطرف عن دورها فيما حدث، ذاك الدور الأرخص له مفعول السحر على الجماهير، لأنها أي الجماهير غالباً تنهج العاطفة، وعقلها غائب ومغيب، صحيح أن ذاكرتها قصيرة، لكنها في الوقت القصير تدمر ما أخذ بناؤه سنين طويلة، لأنها حين تدخل حالة الهيجان، تفقد العقل، والمنطق، وتندفع اندفاعاً أعمى، تلك هي الجماهير التي تمنح الضحية جواز مرور مفتوح، لتقفز مقصلة المحاسبة كما تمنح موافقة جماعية، ورفضاً جماعياً.
وحين يجتاح المجتمع توجه ما، كما حدث مع الصحوة، ابنة الإخوان التي أزهرت حيناً، وذبلت اليوم وكشفت عن خبايا أصلها، وأهدافها، ولست بصدد اتهام أحد، لا رموزها، ولا ضحاياها، ولا من تبعها عالماً بنواياها، أو من خُدع بها، ونافح عنها دون أن يرى خلف قناعها.
ما حدث ليس الأهم، فمصير الخطأ، والشر، والخلل، الانكشاف ولو بعد حين، سواء أنهى مهمته، أم أنها بقيت ناقصة.
ما هو مهم حقاً أن نكف عن الخضوع لدور الضحية، فالصحوة مثل أي تيار فكري آخر، حين يتسرب للأمكنة، فإنه لن يجبر أحداً على الاتباع، بل سيقدم ما لديه، ومهارته سوف تحدد مصيره، مثله مثل أي برنامج تثبته على جهازك، أنت المسؤول الأول والأخير عن تداعيات موافقتك على تثبيته، حتى لو دمر ذاكرتك، أو أفسد جهازك، ما دمت اخترت الموافقة دون تحرٍ وبحث، دون تأكد، دون تفكير، فأنت المتهم الأول أمام نفسك، حتى وأن حصلت على تعويضات، فلن تنسيك لحظة الغباء والخضوع التي مررت بها دون تريث.
نعم الإنسان مسؤول عن عقله، انكشف غطاء الصحوة، لكنها ستترك فراغاً لفكر آخر، يخدم أجندة أخرى، أو ذات الأجندة، فهل سنعيد الكرة، ونكون ضحايا بعد ثلاثين أو أربعين عاماً قادمة!
باختصار الإنسان لابد أن يفهم أنه مخلوق عظيم، مجهز بعقل يميز ويستوعب، ومسؤول عنه، وإذا اتخذ قراراً فإنه سيدفع ثمنه.
أمر أخير، الشر لن يقدم نفسه متجرداً من قناعه، ولن يقدم سمه دون طعم العسل، ولن يدخل برائحته دون أن يطلق ما يشتتها.