د.خالد بن صالح المنيف
لن يهنأ عيشٌ ولن يرتاح قلبٌ ولن تسلَمَ نفسٌ ولن تطيبَ حياةٌ إلَّا بحُسن الظنِّ، فهو نجاةٌ من الأوزار ودرعٌ من الشُّرور وسترٌ من الخواطر المؤذية، فما أروعَ أنْ يعيشَ الإنسانُ نقيَّ القلب طاهرَ الرُّوح سليمَ الفِكر، يتعاملُ مع الناس بحسب الخير الذي في قلوبهم، وليس بحسب الخطأ الذي ظهَر منهم، هذا إذا تأكَّد الخطأ!
خطوات عملية لقلوب أكثر نقاءً
1 - اعلم أنَّ الظنَّ الحسَن علامةٌ لنبيل النَّفس، حرِّ الخِلال، محمودِ الشَّمائل. وهو يرجع إلى عقل أصيل، ولبٍّ رصين، وتذكَّر أنَّ سلامة الصَّدر تفرض عليك حمايةَ إخوانكَ من الشرِّ، وجلْبَ الخير لهم بحُسْن الظنِّ، إنْ عجزتَ عن سوقه إليهم بيدِكَ!
2 - استحضِر آفة سوء الظنِّ، وجلبَها للشُّرور قال (سفيان بن حسين): «ذكرتُ رجلًا بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال: أغزوتَ الرومَ؟ قلت: لا، قال: فالسِّند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفَتسلَم منك الروم والسِّند والهند والترك، ولم يسلَمْ منك أخوك المسلم؟! قال: فلَم أعُد بعدها».
3 - دونك نفسَك، واعمل على إصلاحها فلا تنشغل بأحد؛ فوإلهك لن تُسألَ إلاّ عن نفسِكَ!
4 - تذكّر دومًا وأبدًا أنَّ الخطأ في حُسن الظنِّ في الناس أسلَمُ لكَ من الصَّواب في الظنِّ والطَّعن فيهم! فإنْ عجزتَ عن إسعاد مُسلِم فلا تكن سببًا في إيذائه واخرُج كفافًا! {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.
5 - حُسن الظنِّ بالبشر يحتاج إلى مجاهدة النفس لحَمْلها على ذلك، خاصةً وأنَّ الشَّيطان يجري من ابن آدمَ مَجرى الدمِ، وشغله الشاغل التفريق بين المؤمنين والتحريش بينهم.
6 - إنْ رأيتَ أمرًا رأيَ العين، وشهدتْه شهود عيان فلربما كان هناك ما تجهله؛ فلو وجدتَ شخصًا يطوفُ على قبر أو يعظِّم صنمًا ما جاز لكَ تكفيرُه مع أنَّ فِعْلَه كفرٌ بواحٌ؛ لأنه ربّما عُذِرَ بجهل أو غفلة أو إكراه، ما بالكَ بما هو دونَ ذلك بكثير!
7 - أسأل نفسَك قبل الحُكم والقَطْع بشيء: هل نيتّكَ حسنة؟ هل تُغلِّب الصِّدقَ في تصرفاتِكَ؟ هل ترضى المعاملةَ بالمِثل؟
8 - لا تحكم إلاّ بعد أنْ تتيقّن؛ أيْ يصلُ بكَ اليقينُ إلى درجة أنك تقدِرُ على الحَلِفِ على الأمر.
9 - عامِل الناسَ بالظَّاهر وإيكال السَّرائر إلى الله. والتزِم المنهجَ القرآنيَّ في قبول الأخبار والتثبّت منها: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ}.
10 - تأمّل في حقيقة البشر، من حيث الغفلة والذّهول والضَّعف والنسيان؛ فإذا عرفْنا حقيقةَ البشر، سهُلَ علينا التماسُ العذرِ لهم، وعدمُ مؤاخذتِهم بما يصدُر منهم من أمور يمكن حملُها على الوجه الحَسَن، ولو باحتمال ضعيف..
11 - إنْ خامرَكَ شكٌّ، وداخلَكَ ريبٌ، وجاذبَكَ في أخيكَ ظنٌّ، وحَكَّ في صدركَ منه شيءٌ ولم تستطِع تلمُّسَ عُذرٍ، فأضعَفُ الإيمان أنْ تواجهه وتستوضحَ منه الأمرَ؛ فإنْ كان قد زلَّ اعتذر وإنْ لم يكن فسيزول اللَّبس!
ومضة قلم:
صاحِبُ الخير لا يقَعُ؛ وإنْ وقعَ وقعَ متَّكِئًا!