فهد بن جليد
يوم الاثنين الماضي تقدم نحو 11 مليون أمريكي بطلب إجازة «ليوم واحد»، مع توقع تأخر نحو 3 ملايين آخرين عن أعمالهم، والسبب هو مُشاهدة الحلقة الأخيرة من مسلسل «صراع العروش»، شركة أبحاث «هاريس» ومركز «وورك فورس» ومراكز بحثية أخرى أكَّدت انخفاض الإنتاجية في أمريكا في ذلك اليوم بسبب مُتابعة آخرين في مقر أعمالهم للمُسلسل بطُرق مُختلفة، الأعمال الفنية سيبقى لها تأثيرها ومكانتها مهما زاحمتها تقنيات العصر، هذه الحالة تتكرَّر في كل عام مع أجزاء المُسلسل في الأعوام الماضية، ولعلَّنا في رمضان الحالي وفي ذات اليوم 20 مايو 2019 عشنا محلياً «حالة مُشابهة» نوعاً ما، مع تزايد وتيرة أحداث «الجزء الثاني» من مسلسل «العاصوف» وتحديداً حلقات أحداث الحرم التي سجَّلت - بكل تأكيد - أرقاماً قياسية في المُشاهدة، لتُعيد «لشاشة التليفزيون» و»للأعمال الفنية والدرامية» السعودية بريقها الذي فقدته مُنذ توقف عرض مسلسل « طاش ما طاش»، مع ضعف المُتابعة الحيَّة لبقية الأعمال الفنية بسبب وسائل التواصل الاجتماعي.
المُشاهدون لم ينتظروا ليُتابعوا أحداث حلقات المُسلسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاحقاً - كما هي الموضة الشبابية- بل كانوا حاضرين «لحظة بلحظة» يُسجلون انطباعاتهم وتعليقاتهم بشكل فوري - بين القبول والرفض- للمَشاهد والأحداث التي يعرضها ويناقشها المُسلسل بشكل جريء وغير مسبوق، للتحولات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية في تلك الحقبة الزمنية من حياة السعوديين، لن نناقش المحتوى الذي قدمه المسلسل فما زال العرض جارياً، ما يهمنا هنا هو النتيجة التي خلصنا إليها بأنَّ ضعف المُتابعة للأعمال الفنية والدرامية السعودية في السنوت الأخيرة، هو بسبب ضعف هذه الأعمال وهامشيتها بالبحث عن «الكسب المادي» السريع، وأنَّ وجود أعمال فنية ودرامية سعودية حقيقية وهادفة مُتكاملة الأركان الفنية « الفكرة والنص والإخراج والتنفيذ» يعني وجود مُشاهد مُتابع، فالجمهور تواق لخروج أعمال فنية سعودية كبيرة تناقش قضايا كبيرة بطرح عميق جاذب ومشوق.
«التهريج والضحك والتسلية والتقليد والتهكُّم.. إلخ « ممَّا ابتلينا به لتسطيح معظم الأعمال الفنية السعودية، ليست هي ما يبحث عنه المُتلقي المحلي الذي أثبت أنَّ ذائقته الفنية عالية، وأنَّه يرفض كل أشكال «التهريج الفضائي» بعزوفه عنه، ما يعني ضرورة تقديم دراما فنية سعودية هادفة جيدة، مشوِقة، وجاذبة بعيداً عن المُبتذل اليوم على معظم الشاشات، «مسلسل العاصوف» -برأيي- فضح ضعف هؤلاء المُنتجين والمُخرجين والمُهرجين، و»عرَّاهم « أمام أنفسهم أولاً، ثم أمام المُشاهدين، فهل يستوعبون الدرس جيداً؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.