رقية سليمان الهويريني
ظلت عبارات التحذير من سلوكيات الرجل السعودي وتصرفاته تتقاذفها الألسن حتى حوَّلته لذئب في ثياب رجل، وصار واحدًا من الانطباعات الذهنية السيئة التي تخشاها المرأة!
ما ألمسه حاليًا هو التهذيب العالي لهذا الرجل المفترى عليه؛ فهو يتعايش سلميًّا مع المرأة، وتحكمه كمية كبيرة من الاحترام لها بصورة غير متوقعة إذا وضعنا في الاعتبار الكم الهائل من تحريضه ضدها! حتى تم حثه سابقًا على مضايقتها إن هي قادت سيارتها، أو مارست البيع في المحال التجارية، أو خالطت الرجل في مقر عمله!
ما أراه في الأماكن العامة وردهات العمل التي تضم الجنسين هو تقبُّل العدالة الاجتماعية، وتقاسم المواطنة بينهما؛ وهو ما يشعرني بالراحة والهدوء النفسي، واليقين بأننا نسير نحو الطريق الصحيح!
ولعلي أعزو ذلك للإرادة السياسية التي رفعت من مستوى المرأة من خلال تمكينها، ومنحها الفرصة لمنافسة الرجل؛ وبالتالي إثبات جدارتها، والتسليم بقدراتها.
لقد أصبح من الطبيعي أن تكون المرأة مديرة أو رئيسة قطاع، ترأس مجموعة رجال، يدينون لها بالطاعة والتقدير بحكم وظيفتها، وتراها تمارس حقها كاملاً دون خوف أو وجل من ذئب بشري قد يترصد بها أو يتنمر عليها!
إن التعايش السلمي بين الجنسين على المستوى العام يحكمه قانون، يرضخ له الجميع، ويسيرون بناء على مقتضياته، وإن حصل خروج طارئ فهو حالات شاذة، يمكن إصلاحها وتهذيبها. بينما على المستوى الخاص ما زالت ثنائية الرجل والمرأة تحكمها عادات وتقاليد وموروثات بالية، وتحتاج لوقت حتى تتبلور العلاقة، ويقر الرجل بإمكانيات المرأة، ويمنحها الثقة، ويتعامل معها بالندية. إذ ما زالت بعض الأسر السعودية تعزز من قيمة الرجل مقابل تقليل أهمية المرأة، وأنها تابعة له، وأن قيمتها مستمدة من مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية. ولعل القرارات السيادية القادمة تهذّب من هذا المفهوم، وتدفع باتجاه علاقة ثنائية، يحكمها الاحترام المتبادل، والثقة بين الطرفين، والكفاءة التي تخلق التميز!