سعود عبدالعزيز الجنيدل
تُعدُّ «ملبورن» محطتنا الثالثة بعد سيدني، وكانبرا. وتُعد من وجهة نظري مدينة صاخبة، مثل سيدني، لا تقارن بهدوء العاصمة كانبرا.
كنا أمام تحدٍّ كبير؛ فهذه المدينة تحتاج إلى وقت طويل حتى نستطيع الوقوف على معالمها البارزة بشكل عام، وعلى أبرز إسهامات المملكة -ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية- في الأنشطة الدعوية بشكل خاص، ونحن لا نملك سوى 24 ساعة.
بدأنا التغطية بالذهاب إلى المتحف الإسلامي الذي أنشأه لاعب الركبي السابق علي فاعور، وبنيت اللبنة الأولى منه بإسهام من المملكة العربية السعودية في عهد الملك الراحل عبدالله -رحمه الله-. ويضم المتحف بين جنباته خمسة معارض، منها: معرض الإيمان، والعلوم، وتاريخ المسلمين الأوائل في أستراليا. وفي الحقيقة إن المتحف صُمم بطريقة حديثة، تستهوي الزوار، وتربط بين العلوم الحديثة والقديمة بطريقة مبتكرة.
وبعدما قمنا بجولة رائعة داخل المتحف، استمعنا خلالها إلى شرح عن محتوياته من قِبل علي فاعور، تملكتني رغبة حقيقية في سؤاله عن سبب اهتمامه بهذا المتحف، ومن أين جاءت الفكرة؟ ولِمَ هو مهتم كثيرًا بأدق التفاصيل؟ والحمد لله تيسر لي وقت لطرح هذه الأسئلة عليه، وأعجبتني كثيرًا فكرته لإنشاء هذا المتحف، ألا وهي إيضاح جمال الإسلام؛ فالصورة في بعض وسائل الإعلام عندهم ظالمة للإسلام وأهله؛ وهذا ما حداه إلى أن يرد عليهم من خلال الحقيقة والعلم؛ فهذا المتحف بُني على طريقة علمية صحيحة، والمناهج والمعلومات لا يستطيع أحد أن يشكك بها، فضلاً عن إنكارها. وبهذا استطاع الرد عليهم بالعلم والإيمان، وإبراز روح الإسلام؛ ولذلك أضحى يرتاد المتحف 25000 زائر سنويًّا، 90 % منهم غير مسلمين، إضافة إلى زيارة 300 مدرسة. وإن كان هناك شيء ينقص المتحف فهو مجسمات لمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.
وبعد ذلك توجهنا إلى مائدة الإفطار التي نظمها مكتب الدعوة الإسلامي في أستراليا بقيادة مدير المكتب أنور الصولي، الذي أستطيع أن أشبهه بالنحلة التي لا تكل ولا تمل، وله قبول كبير عند الجمعيات والمراكز الإسلامية المختلفة في داخل وخارج أستراليا.
وتم تنظيم مائدة الإفطار في مسجد عمر بن الخطاب، بتنظيم رائع من نادي الطلبة السعودي في ملبورن، ذكَّرنا -حقيقة- بالأجواء في أرض الوطن -حفظه الله-، وشعرنا بتكاتف الطلاب والطالبات السعوديين، وكأنهم أسرة واحدة، تجمعهم روح واحد، والألفة والمحبة.
وبهذه المائدة انتهت تغطيتنا لوجود مقابلة مهمة في «بيرث»؛ تستوجب حزم الحقائب، والإقلاع بأقصى سرعة.