فهد بن جليد
مع بدء تطبيق لائحة المحافظة على الذوق العام أتمنى إضافة عقوبة «هدر الطعام»، أو رمي مخلفاته في «حاويات القمامة»؛ فهذا السلوك المشين يخدش الحياء العام، ويسبب جرحًا غائرًا عند شريحة من المجتمع، تستحق مراعاة نفسياتهم واحتياجهم وظروفهم مع موضة البذخ التي تمارَس بتعالٍ تحت بند الكرم أو غيره. وما زال عندي أمل بأن تقر هذه العقوبة أو المخالفة التي نحلم بها منذ زمن عبر لائحة المحافظة على الذوق العام؛ فهي المكان الصحيح لذلك، بعد أن عجزت أنظمة وقوانين جهات عدة، وجهود فردية هنا وهناك، عن حل المشكلة.
إضافة عقوبة هدر الطعام لقائمة مخالفات الذوق العام أخالها نقلة نوعية، ستُحدث التغيير المطلوب لتعديل هذا السلوك، والحد من الهدر والبذخ مع وقف رمي النعمة في «حاويات القمامة» - أكرمكم الله -، والاستفادة منها بالتعاقد مع الجهات المعنية بحفظها، والاستفادة منها بالطرق الصحيحة.
الأمم المتحدة طرحت السؤال الآتي باللغة العربية على صفحتها الرئيسة على تويتر: «هل الإفراط في كرم الضيافة يسهم في تفاقم مشكلة هدر الطعام»؟ الإجابة كما نقول في عاميتنا: «لا تحتاج نشدة شيخ»؛ فالفهم الخاطئ لطريقة التعبير عن الكرم في العالم العربي، وفي منطقتنا الخليجية تحديدًا، هو ما يسبب الهدر الذي نعاني منه. وقد كتبت في 25 يونيو 2018 مقالاً في ذلك بعنوان «إذا كنت ضيفًا فاشترط إكرامك بعيدًا عن البذخ والإسراف»، ولاسيما أن برنامج الأغذية العالمي يقدر عدد الجياع في العالم بأكثر من 800 ألف شخص، لا يجدون قوت يومهم، معظمهم من الأطفال والنساء، يشكلون ضحايا الأزمات الإنسانية التي لا نستطيع بكل تأكيد التدخل لحلها، ولكن يمكننا المساهمة في التخفيف من معاناة هؤلاء الذين يقضون ليلهم دون طعام بتغيير سلوكنا أولاً بعدم هدر الطعام، ثم التفكير في كيفية مساعدتهم، ونحن نعلم أن نصف وفيات الأطفال في العالم دون سن الخامسة مردها إلى سوء التغذية كأحد الأسباب الرئيسة لذلك، أي إن 3 ملايين طفل يموتون سنويًّا بسبب الجوع وسوء التغذية. لا يجب أن يقف العالم متفرجًا وهو يهدر ما بين 30 - 50 في المائة من الناتج الغذائي العالمي البالغ 4 مليارات طن؛ ليكون مصيرها - أكرمكم الله - حاويات «القمامة». إذا كانت هذه المعدلات العالمية فكيف يمكننا الحديث عن معدلات الهدر المحلية بسبب سلوك البذخ؟ يكفينا إلقاء نظرة على «مكبات النفايات» القريبة من المطاعم والفنادق وقصور الأفراح لتخيل حجم الطعام المهدر لدينا، ووجوب التحرك محليًّا إزاء ذلك، بإضافة هذه العقوبة كمخالفة للذوق العام!
وعلى دروب الخير نلتقي.