سهوب بغدادي
ها هي العشر الأواخر من شهر الغفران أقبلت وكأن بدايته كانت بالأمس، فهل تفارقنا يا شهر أم نحن من سيفارقك؟
رمضان سينقضي لا محالة في حين يعيش البعض في سباق مع أيامه المباركة في الأسواق لشراء حاجيات العيد ومن ثم استبدالها واختيار تصاميم العيديات الفريدة للأطفال ومن ثم تغليفها وما إلى ذلك. في حال أشبه بالسباق السريع (الماراثون) حيث يستمر هذا السباق إلى ليلة العيد فنجد أفواجاً من الناس تهوي إلى محال بيع الشوكولاته وتغليفها حيث تحرص أغلب المحال على مضاعفة الأسعار في هذا الشهر الفضيل بطريقة جنونية. ما زلت لا أفهم لماذا نقضي جل وقتنا وجهدنا في رمضان خاصةً وعلى مدار السنة عامةً في اختيار أجمل الملابس وأغلاها ثمناً؟ أنا لست ضد إظهار العبد نعم الله عليه ولست ضد شراء كسوة العيد إنما ضد المبالغة في هذا الأمر ومعاملة العيد كمسابقة يتم فيها تتويج ملك/ة جمال الحفل لصاحب/ة المظهر الأجمل وللأسف في كثير من الأحيان من يمتلك الطلّة الأغلى والأبهظ ثمناً. إنه ليس مقال للتعميم على الجميع، فالمساجد تزخر بالمصلين ولله الحمد ولكن أتحدث عن ذلك الجانب الآخر من الشارع ذي الزحام الشديد والشوارع المغلقة والمواقف المكتظة ورجال الأمن المتيقظين أمام الأسواق! فيما نتمتم على الدوام بمقولة وزير التجارة الفرنسي دون تطبيق «الماركات هي أكبر كذبة تسويقية صنعها الأذكياء لسرقة الأثرياء فصدقها الفقراء». حقاً، رأيت بأم عيني ثرية لا تقتني من هذه الماركات شيئاً وفي المقابل نوفّر ونتدين لِنتزيّن تزيناً سطحياً مهملين بذلك سموّ أرواحنا وقيمتها الحقيقية التي لا تعكسها قيمة الحذاء الذي نرتديه. ورأيت أخريات يعتذرن عن قبول دعوة إلى مناسبة أو الذهاب إلى مكان ما لإحساسهن بأنهن دون المستوى المادي لبعض الحاضرات. لَيْس المهم أن تكونوا أجمل من في الحفل فالملبس بعينه ينسى من العام إلى العام وما يبقى في الذاكرة هو حديث الشخص الطيّب وثقافته وابتسامته وأخلاقه السامية التي تترك أعظم ذكرى في بال الحاضرين أجمعين، فكونوا الأجمل هذا العام قلباً وقالباً.