د. حسن بن فهد الهويمل
من حق [المملكة العربية السعودية] في ظل الظروف الراهنة، والأزمات المتلاحقة، والتصعيد المخيف من كل الأطراف، أن تفر إلى الله، وأن تستشير، وتستخير، وأن تستعد لمواجهة كل الاحتمالات، وأن تعد العدة لحالات: الحرب، والسلام.
لقد وجدت [المملكة] أن الوضع يتطلب تداول الرأي، وتبادل المشورة مع الأشقاء، والشركاء في المصير، وأن تعرف الإمكانيات المتاحة لمواجهة ما تؤول إليه أحوال المنطقة بعد: الحرب، أو السلام.
زعماء الخليج، وزعماء العالم العربي، وزعماء العالم الإسلامي شركاء في سفينة الأمة، ومن حقهم أن يكونوا على بيِّنة من الأمر.
دعوة [المملكة] لمؤتمرات القمة دليل على أنها ليست وحدها في المعمعة، ودليل على حرصها على مصلحة الأمة. لا تريد الاستبداد، ولا التخلي عن شركائها في الهم العربي، والإسلامي المشترك.
الأمة العربية مقبلة على مصير مجهول، والتقاء الشركاء حق مشترك، ومهم، إذ لابد من وضع خطة تواجه بها الأمة كل الاحتمالات.
[إيران] منذ العودة المشؤومة لـ [الخميني] عام 1979م وهي تتعمد جر [الوطن العربي] إلى أتون الفتن. وما وضعت قدمها على أرض إلا حولتها إلى أرض محروقة، وأشعلت الفتن بين مكوناتها السكانية، ولست بحاجة إلى الشواهد، فهي ماثلة للعيان.
لقد وجد فيها [الشرق] و[الغرب] مراده، لتفكيك [الأمة العربية] وكسر شوكتها، وتفتيت المفتت.
وهل أحد يجهل أنها السبب الأهم في تمزيق العالم العربي، وإشعال الفتن كافة أنحائه؟
لقد أغرى المجوسُ [أمريكا] بضرب [العراق] وحين قضت [أمريكا] على قوته، سلمته لألد أعدائه [إيران]، لتنهي البقية.
وبعد استلام [العراق] دخلت [سوريا] ولما تزل تريق الدماء، وتدمر البناء. في [لبنان]، و[اليمن] تلفظ أنفاسها، ولكنها لما تزل تدمر كل شيء أتت عليه.
وإعلامها الغبي، والأجير يهدد، ويتوعد أرض المقدسات على الرغم من الضربات الموجعة التي توجهها [المملكة] لدولة الملالي.
لقد هددوا بإفساد الحج، وباشروا ذلك، ولكن صرامة [الملك فهد] - رحمه الله - قطعت أيديهم، وأرجلهم من خلاف، وما أعاد أحد منهم التفكير بالإساءة في المشاعر.
وخططوا لغزو المملكة من أطول الحدود، وأسوئها، فبادرهم [الملك سلمان] بـ [عاصفة الحزم] وكسر مجاديفهم، ومزق أشرعتهم.
لقد كانت حساباتهم الخاسرة أن تكون المعركة على أرض المملكة، ولكن العزم، والحزم جعلها على أرض العدو، تلاحقهم قوات التحالف، والشرعية في جحورهم.
[إيران] التي أهانت شعبها، وأذلته، وحولته إلى وقود للفتن، تجاوزت الحدود، وامتدت يدها القذرة إلى التفجير، والتهديد، وتشكيل العصابات التخريبية، ولم يعد بالإمكان احتمال تصرفاتها.
الدعوة المسددة للقمم التي ابتدرتها المملكة محاولة لحسم المواقف لصالح [الشعوب العربية] التي طالها القتل، والتشريد، بسبب رعونة الشرذمة التي تحكم [إيران] شرذمة: الآيات، والملالي.
ولصالح المكونات السكانية غير المجوسية، التي تتطلع إلى ضربة قاضية، تخلصهم من الويل والثبور.
لقد بلغ الوضع في مشرقنا حداً لا تنفع معه الحلول المؤقتة. لابد من المكاشفة، ولا بد من توحيد الجهود، لقطع دابر الشر.
[إيران] دولة توسعية، طائفية، عنصرية، مأخوذة بالأحلام [الصفوية]. وأعداء الأمة العربية عرفوا هذه الأحلام الطائشة، المجنونة، فجندوها لتفكيك الأمة العربية، والإسلامية.
لقد وجدوا في حكومة الآيات أداة لضرب الممانعة، والمقاومة، والقوة المتكافئة. [إيران] أغرتها أطماعها، ودفعت بها إلى تصرفات لا يمكن احتمالها، ولا القبول بها.
و[المملكة العربية السعودية] قادرة على حفظ مقدساتها، وكافة أراضيها، وضمان العيش الكريم الآمن لشعبها. وطنطنة الإعلام المناوئ لا يخيف إلا الجهلة بإمكانيات المملكة.
[المملكة] وهي المستعدة لمواجهة أي احتمال، تريد اشتراك أشقائها في وضع تصور للأحوال الراهنة، ورسم خطط لمواجهتها.
تريد أن تتعرف على تصورات الزعماء للأحداث.
وتريد أن تعرف من معها، ومن ضدها.
وتريد من الأمة العربية وحدة الكلمة، والصف، ومواجهة الخطر الإيراني المتَبَدِّي لكل ذي عينين، ولسان وشفتين.
هناك اختلافات في وجهات النظر، وهناك مواقف متخاذلة، وهناك أشياء لا تسر، ولكن [المملكة] بهذه القمم تريد أن تضع الأمة أمام مسؤولياتها.
تريد أن تعرف ما وراء الأكمات، لترتب أمورها، وتواجه قدرها.
القمم ستضع كل الأشياء على الطاولات، وكل دولة مشاركة ستوضع أمام مسؤولياتها، وتعرف [المملكة] من خلال المكاشفات العدو من الصديق.
المملكة لن تستجدي، وليست بحاجة إلى الاستجداء.
القمم ستحدد مسار الأحداث، والمواقف. والمملكة - بعدها - ستكون واعية لمتطلبات المرحلة.
في أزمة [احتلال الكويت] خذلت أربعُ دول المملكة، وتمنعت دول أخرى، وما فت ذلك في عضدها. وعاد المخذِّلون، والمترددون يعتذرون بعد الانتصار الساحق للمملكة.
ونحن اليوم في مواجهة أخطر، إنها مواجهة لصد دولة توسعية، عنصرية، طائفية، وعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - عدم قيام إمبراطوريتها، ونحن واثقون بنصر الله، وبوعد الرسول، [لا كسرى بعد كسرى]. وخوفنا مما يلحق أمتنا من قتل، وتشريد، وهدم. لتحقيق هذا الوعد.
المملكة لا تريد الحرب، ولا تدعو إليها، لمعرفتها التامة بأضرارها، ولكنها مستعدة لها، وكأنها قائمة.
التآمر المكشوف سَلَّم [العراق] لإيران، وأيقنت أنها باقية فيه. وها هي اليوم يقرضها الوعي العربي ذات اليمين، ذات الشمال. ودخلت [اليمن] وها هي الشرعية، والتحالف يكسرون مجاديفها، ويمزقون أشرعتها.
وهي الآن تلفظ أنفاسها الأخيرة في [سوريا]. و[لبنان]. يعصف الشر، ولكنه زهوق.
إنها آلة استعمارية قذرة تُقْضَى بها حاجات، ثم تلف كما يلف الثوب الخلق، وترمى في مزبلة التاريخ. لقد دخلت اللعبة، وجهلت قواعدها، والقوى الضاربة لإعادتها إلى مربَّعاتها الأولى.
القمم التي تستقبلها المملكة سيتاح لها قراءة الواقع، والاطلاع على كافة الوثائق التي تحتفظ بها المملكة لسائر الأحداث، ومعرفة الظاهر، والباطن، وسوف يُحَمَّل القادة مسؤولياتهم أمام شعوبهم، وتاريخهم.
نسأل الله أن يعي قادتنا في وطننا العربي مسؤولياتهم، وأن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان.