فضل بن سعد البوعينين
اهتمت رؤية المملكة 2030 بمؤشرات القياس، كأداة من أدوات تقييم العمل، ورصد عمليات التحول ومخرجاتها التطويرية. وبالرغم من أهميتها لمعرفة واقع الحال، والتأكد من نجاعة البرامج المنفذة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المعلنة، واعتمادها على معايير دقيقة وإجراءات مهنية، فهي تبقى ضمن دائرة التقييم الذاتي الذي يحتاج إلى قياس موازٍ ومستقل وأكثر ارتباطًا بالمنظمات والهيئات الدولية التي تخاطب العالم وقطاع المال والأعمال والمستثمرين الراغبين في ضخ استثماراتهم في الدول المختلفة. مؤشر التنافسية الصادر من مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية أحد المؤشرات المهمة لتقييم بيئة الأعمال، ومقارنتها بـ 63 دولة، وبما يعطي صورة شمولية عن القدرة التنافسية، ويسمح في الوقت نفسه بنقل التجارب الناجحة لتطوير بيئة الأعمال من خلال تطوير البنى التحتية، والكفاءة الحكومية، والأداء الاقتصادي.
أهمية تطوير بيئة الأعمال، ورفع تنافسية المملكة، إضافة إلى أهمية مؤشر «التنافسية العالمية» حمل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على إنشاء المركز الوطني للتنافسية «تيسير» من أجل مأسسة عمل اللجنة التنفيذية لتحسين بيئة الأعمال في القطاع الخاص، وتحفيزه، ورفع كفاءته ومساهمته في الناتج المحلي والتنمية الاقتصادية؛ وهو ما أسهم في تحقيق المملكة أكبر تقدم بين الدول التي شملها تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2019 بـ13 مرتبة، ولتحتل المركز الـ26 عالميًّا والسابع بين دول مجموعة العشرين.
مشاركة أكثر من 40 جهة حكومية في تنفيذ العديد من الإصلاحات لخدمة بيئة الأعمال، ورفع تنافسيتها، وبما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030، أسهمت بشكل مباشر في تحقيق النتائج الإيجابية، وهو أمر يحسب لمجلس الشؤون الاقتصادية الذي نجح في تحقيق التكامل بين الوزارات، ومعالجة المعوقات، والعمل كفريق واحد يهدف لتحقيق برنامج الحكومة الإصلاحي.
الأكيد أن هدف المملكة الأسمى الدخول في نطاق المراتب العشر الأول، وهو هدف مشروع إلا أنه في حاجة إلى فترة زمنية أطول وعمل أكثر، غير أن تحقيق هذه القفزة الكبيرة خلال عامين من دخول المملكة مركز التنافسية يبعث على التفاؤل بقدرتها على مواصلة العمل الجيد، وتحقيق مراكز متقدمة خلال الأعوام القادمة.
نشر مركز التنافسية العالمي تقريره السنوي جاء متزامنًا مع تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «برنامج خدمة ضيوف الرحمن»، أحد أهم البرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030، الذي يهدف لتحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية، تتمثل في تيسير استضافة المزيد من المعتمرين، وتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين، وتقديم خدمات ذات جودة للحاج والمعتمر، وإثراء تجربتهم الدينية والثقافية.. وجميعها على علاقة بمحاور ومنهجية تقرير التنافسية، وبخاصة ما ارتبط بالبنى التحتية، والكفاءة الحكومية، إذ لا يمكن تحقيق هدف استضافة المزيد من المعتمرين والحجاج، وتسهيل وصولهم إلى الحرمين، دون ضخ مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية لرفع كفاءتها وتعزيز قدرتها على احتضان الأعداد المستهدفة من الحجاج والمعتمرين، وتسهيل الإجراءات الحكومية، وتحفيز قطاع الأعمال على الاستثمار في المشاريع الحيوية الداعمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، وهو ما تسعى الحكومة لتحقيقه وفق رؤية 2030.