سهوب بغدادي
«من ذا أنتِ بنت له؟» عادة ما تتصاحب هذه المقولة بنظرة عميقة وإيماءة استحسان تفحصية خارقة؛ فتعلم حينها الفتاة أن شخصًا ما سيتقدم لخطبتها.
أناقش في هذا المقال فكرة الزواج التقليدي وغير التقليدي، وفي رواية أخرى (الزواج عن حب). فليس بالغريب أن تُخطب الفتاة في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى. على سبيل المثال في الهند وكوريا تُخطب بالطريقة التقليدية، وتتزوج، وتبني أسرة وحياة متكاملة دون سابق معرفة بالشخص، ودون وجود الحب للطرف الآخر. لما كان الزواج التقليدي (المدبر) سابقًا أمرًا اعتياديًّا في مجتمعاتنا المحافظة لقلة وجود الجنسين في النطاق الأسري والمهني ذاته، وما إلى ذلك؛ فنتج من هذه الطريقة ظاهرة الخاطبة أو (الخطابة) كما ترددت على أسماعنا في المجالس. وأغرب اشتراطات العريس والعروس في شريك الحياة الجاه والمال والشكل واللون وتفاصيل أدق من ذلك بكثير؛ لتصبح مهمة الأم (الباحثة) أشبه بالمهمة المستحيلة mission impossible.
وفي المقابل تتملص الفتاة من معظم الخاطبين نظرًا لعدم توافق الشاب مع تلك الصورة المحفورة في مخيلتها لفتى الأحلام. وعلى الأغلب لن يجد كل من الشاب والفتاة كل ما وضع في قائمة الشريك المثالي، وسيتغاضى البعض عن العديد من الاشتراطات ظنًّا منه/ ا أن النصف الآخر لا ينتمي إلى كوكب الأرض.
في حين نعيش في عصر الإنترنت، وعصر ما بعد الصحوة، يتخذ الزواج عن حب طرقًا عديدة، كالحب الإلكتروني الذي يتكلل بالزواج في حالات عديدة، ولكن لا نستطيع الجزم بأن كل علاقة بدأت بهذا الأسلوب ستأخذ المنحى ذاته في المستقبل.
كما نشهد حالات زواج بين الزملاء في العمل والدراسة (الابتعاث) والأعمال التطوعية، عندما يجد الشاب والفتاة في بعضهما البعض الحب والتفاهم والتطلعات والتوجهات المشتركة. فهل الزواج التقليدي يعد ملاذًا آمنًا؟ أم الزواج عن حب الذي أصبح الطريقة المفضلة في وقتنا الحالي ولو لم يتحقق ذلك للشخص المريد؟
وقد قمت باستطلاع رأي أثناء عملي الصحفي سابقًا، وكانت ردود الأغلبية من الرجال والنساء أنهم يفضلون الزواج عن حب عن الزواج التقليدي. إنه أمر محير حقًّا؛ فلا نستطيع القول إن الزواج التقليدي فاشل؛ فهنالك العديد من الحالات الناجحة من هذا النوع، وفي المقابل نجد حالات جميلة لزيجات مليئة بالحب الرومانسي، فكيف يتخذ الشخص القرار؟
أرى أن الزواج بحد ذاته أهم مشروع في حياة الشخص؛ فقد يجد الإنسان من يؤنسه ويؤازره، ويجعل منه إنسانًا أفضل، وذلك يمكن الحدوث في الطريقتين (تقليدي - عن حب) إلا أن الفاصل في الموضوع هو عدم تغييب العقل والمنطق عن الصورة؛ فأنا أؤمن بالزواج التقليدي العقلاني وأؤمن أيضًا بالزواج عن حب بقلب وعقل، وأؤمن بالأجمل من كل ما سبق، ألا وهو الزواج عن خيرة.