محمد عبد الرزاق القشعمي
عرفته بعد تقاعده، وصرت أزوره مع أصدقائه وزملائه القدامى الذي يلتقي بهم في منزله بين صلاتي العشاءين بحي الربوة بالرياض، فدعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية والتسجيل معه في برنامج (التاريخ الشفهي للمملكة)، فلبى الدعوة وكانت في 17-3-1421هـ.
قال إنه ولد بعنيزة عام 1350هـ/ 1931م، والتحق فور افتتاح أول مدرسة حكومية في عنيزة عام 1356هـ ووضع بالصف الثالث الابتدائي لحفظه بعض سور القرآن الكريم وإلمامه ببعض المواد الضرورية كالقراءة والإملاء والخط والحساب في الكتاتيب الأهلية لصاحبها عبد العزيز الدامغ، درس في المدرسة لمدة سنتين. سافر بعدها مع والدته وأخواته إلى مكة المكرمة حيث يقيم والده ويتاجر في السجاجيد والمشالح.. وهناك أكمل دراسته الابتدائية. ثم التحق بالحلقات العلمية بالمسجد الحرام، وحرص على حضور حلقتي الشيخين محمد عبد الرزاق حمزة ومحمد بن عبد العزيز المانع، بين العشاءين وبعد صلاة الفجر.
عاد في أوائل عام 1366هـ مع عائلته إلى عنيزة، ثم سافر إلى المنطقة الشرقية للدراسة والعمل في شركة (أرامكو). لم يستمر سوى أشهر قليلة لأسباب صحية، عاد بعدها لعنيزة لينشئ أول مكتبة قرطاسية وصحفية بما تيسر له من نقود، فأصبح يبيع الصحف والمجلات التي تصدر في المنطقتين الغربية والشرقية من المملكة. وأصبح يكاتب صحيفة (أخبار الظهران) ومجلة (الإشعاع) بالمنطقة الشرقية، وفي الوقت نفسه يحضر دروس الشيخ (عبد الرحمن السعدي) بمكتبة الجامع الكبير، ودروس الشيخ عبدالله بن عقيل في مسجد (أم حمار) بعد صلاة المغرب.
* وفي نهاية عام 1367هـ رغَّبه الأستاذ والمربي صالح بن ناصر الصالح مدير المدرسة الحكومية -الوحيدة آنذاك - أن يعمل مدرساً بالمدرسة الثانية التي تعتزم مديرية المعارف العامة افتتاحها مطلع العام القادم، فوافق على أن يعمل ملازماً لأحد المدرسين في المدرسة الأولى دون مرتب حتى يثبت قدرته وجدارته للتعيين الرسمي.
* افتتحت المدرسة الثانية والتي سميت بالمدرسة السعودية. وسميت الأولى بالعزيزية، واستمر مدرساً لمدة سبع سنين 68- 1374هـ، فانتقل للعمل بالمعهد العلمي بعنيزة وشارك مع مديره الأستاذ سعد أبو معطي ( أبو ساطي) بتأسيس ناد أدبي بالمعهد، وبإصدار صحيفة مطبوعة، وبإيجاد مكتبة حافلة بالكتب والمراجع، وكان عمله مساعداً للمدير، ثم مديراً للمعهد بعد ذلك ببضع سنين.
* وفي بداية عام 1382هـ طلب منه معالي الأستاذ عبد الرحمن أبا الخيل الُمَعيَّنْ حديثاً وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية أن ينقل خدماته إلى الوزارة الجديدة، وتم ذلك مع الالتحاق بدورة تدريبية وميدانية للتنمية الاجتماعية بالدرعية لعدد من الموظفين الذين انتقلوا للوزارة - مدة عام دراسي - وكانت هذه الدورة تحت إشراف مكتب الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية. ويقوم بالتدريس بها عدد من أساتذة الجامعة ومن مكتب الأمم المتحدة ومن المختصين بالوزارة، وبعد نهاية الدورة كلف بالسفر للقصيم لافتتاح مركز الخدمة الاجتماعية بعنيزة وتنظيم العمل والنشاط في المركز، وذلك نهاية عام 1382هـ وهو يضم أقسامًا متعددة: هي: القسم التعليمي ومكافحة الأمية للكبار من الجنسين، والقسم الزراعي، والقسم الصحي، والقسم الاجتماعي، ومركز الأمهات والفتيات للتفصيل والخياطة، والجمعية التعاونية للمزارعين.. الخ.
ثم عاد للعمل بالوزارة عام 1384هـ رئيساً للتفتيش إضافة لبعض الأعمال والمهام التي يكلف بها ومنها: التدريس والإدارة في معهد الخدمة الاجتماعية الثانوي بالرياض، وهو المعهد الوحيد بالمملكة وتشرف عليه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتقوم وزارة المعارف بمهمة الاختبارات ومنح الشهادات للمتخرجين منه، ويلتحق في هذا المعهد الحاصلون على شهادة الكفاءة المتوسطة، ويمنح للطلاب مكافآة نقدية شهرية وسكن وإعاشة داخلية، ومدة الدراسة ثلاث سنوات دراسية ، ويخرج أخصائيين اجتماعيين، واستمر عمله بهذا المعهد من عام 1389-1392هـ.
* عين بعد ذلك مديراً عاماً للتأهيل بالوزارة حيث تم إنشاء إدارة عامة للتأهيل تعنى بخدمة المعوقين، وقد تم افتتاح مراكز أولية لهذا المشروع في المناطق الرئيسة في المملكة.
* عين بعدها مديراً عاماً للإدارة بالشؤون الاجتماعية، ثم وكيلاً للوزارة مساعداً بوكالة الرعاية الاجتماعية إلى أن تقاعد بطلب منه عام 1408هـ بعد أن أكمل في الخدمة الحكومية أكثر من أربعين سنة.
* وعن الأعمال والمشاركات الاجتماعية التطوعية، قال:
1- شاركت في افتتاح مدرسة ليلية لمكافحة الأمية لدى الكبار في مدينة عنيزة وذلك في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، بالتعاون المثمر مع بعض الشباب المتحمس، وفي مقدمتهم الأستاذ عبدالله العلي النعيم، وتعتبر هذه أول مدرسة لمكافحة الأمية بالمملكة.
2- قمت بالمشاركة مع نخبة من المواطنين في عنيزة بتأسيس صندوق خيري للبر في عام 1372هـ، يقوم على دعم ومساندة المحسنين والموسرين من داخل البلدة وخارجها، وذلك لإعانة وإغاثة الفقراء والمحتاجين والمتضررين. ويعد هذا الصندوق الخيري من أوائل صناديق وجمعيات البر في المملكة، بعد صندوق البر القائم بمكة المكرمة آنذاك.. وقد اطلعت على نسخة من (النظام العام لصندوق البر في عنيزة) نختار مما نشر به تشكيلات هيئة الصندوق.
تتكون هيئة هذا الصندوق من:
1- سعادة الأمير: خالد بن عبد العزيز السليم. رئيساً عاماً.
2- المواطن : صالح العبدالله الزامل مديراً.
3- المواطن محمد العبد الرحمن الجمل أميناً للصندوق.
4- المواطنون: محمد المنصور الزامل وسليمان العبدالله العوهلي، وعبدالله العلي النعيم، وعبدالله البراهيم الجلهم، أعضاء مجلس إدارة.
3- كما شاركت مشاركة فعلية وميدانية في تأسيس النادي الثقافي بعنيزة ومكتبته العامة، مع أخوة كرام آثروا خدمة وطنهم ومواطنيهم.. وكان لهذا النادي أثر كبير في المجتمع عامة وفي أوساط الشباب خاصة، وذلك بتدريبهم وتأهيلهم على القراءة والكتابة والخطابة والبحث وتأصيل الخدمة العامة منهم.
4- وقد طلبت إدارة النادي الثقافي والمكتبة من معالي الوزير الأول - آنذاك - الشيخ عبدالله السليمان إقامة المبنى المطلوب على الأرض التي قد توفرت له، وقد تم إنشاء المبنى، فطلب منه الحضور لافتتاحه، فحضر بنفسه، وكان لحضوره فرصة سانحة للتحاور معه فأضفى على الحاضرين من خبرته واطلاعاته فوائد تتطلبها الحياة، فأمتع الحضور بتوجيهاته، وحثهم على التحصيل العلمي والإخلاص العملي..
* ذكر باعتزاز أساتذته الذين تأثر بهم ودعا لهم بالرحمة والمغفرة وهم:
1- المربي صاحب الكُتّاب المشهور بعنيزة ( عبد العزيز الصالح الدامغ) عامي 55 و 1356هـ.
2- المربي القدير (صالح بن ناصر الصالح) أول مدير لأول مدرسة حكومية بعنيزة عامي 57 و1358هـ.
3- الأستاذان (محمد ابن مانع) و(محمد عبد الرزاق حمزة) بالحرم الشريف بمكة المكرمة، 1361- 1365هـ.
4- الشيخ (عبد الرحمن بن ناصر السعدي) في علم الفقه والنحو، والشيخ (عبدالله بن عقيل) في علم الفرائض، وذلك من عام 1367 إلى 1374هـ.
5- الشيخ (عبد المهيمن أبو السمح) في علم التجويد حين عين مديراً للمعهد السعودي بعنيزة عام 1369هـ.
6- الأستاذان (د. صلاح العبد) و(صالح شبكشي) أثناء الدورة التدريبية بمركز التنمية الاجتماعية بالدرعية عام 1382هـ.
* ولم ينس أبرز تلامذته وإسداء الشكر لهم وهم:
1- الأستاذ صالح الأحمد الذكير، مدير عام التأمينات الاجتماعية بالمنطقة الشرقية.
2- الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عبد الكريم المفلح – أستاذ الجهاز الهضمي بكلية الطب بجامعة الملك سعود.
3- الأستاذ الدكتور علي بن عبدالله الدفاع – الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول بالمنطقة الشرقية.
4- الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الغذامي، الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض.
والأساتذة والدكاترة والمهندسين: عبد العزيز وإبراهيم الزامل، وصالح العبيكي، وعبدالرحمن الروق، وعبدالله المرزوقي، وصالح الدبيان، وعبدالله المساعد، ومنصور العوهلي، وحمد الزامل، والشاعر أحمد الصالح (مسافر).
* قال إنه شارك في مؤتمرات الشؤون الاجتماعية التي كانت تعقد في مقر جامعة الدول العربية، بالقاهرة وفي تونس، والتي عقدت في دول الخليج العربي.
كما شارك في الحلقة الدراسية التي نظمها مكتب الأمم المتحدة في مجال التنمية الاجتماعية، وتم عقدها في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الأوروبية خلال عام 1400هـ. 1980م.
* وعن أولاده ذكر أنهم ثمانية، أربعة منهم ذكور، وأربع إناث إحداهن طبيبة وأحدهم طيار والبقية بين التدريس والخدمة الاجتماعية.
* وعن أعماله الأدبية ومشاركاته الكتابة فقد ذكر أنه شارك في نشر مقالات وقصائد في عدد من الصحف الأسبوعية والمجلات الشهرية وكان يوقع مشاركاته بأسماء مستعارة وذكر منها: (ابن عنيزة، أبو أديب، فتى عنيزة).
ولسنوات عدة كانت إذاعة الرياض تذيع له برنامجاً أسبوعيًا (حديث السهرة) في التسعينيات الهجرية السابقة، كما كتب محاضرات منوعة في اللغة العربية والخدمة الاجتماعية وغيرها. وقد وجدت له قصيدة (همسة المشاعر..) بمجلة الإشعاع الصادرة بمدينة الخبر بالمنطقة الشرقية، ففي عددها الرابع من السنة الثانية لشهر ربيع الثاني 1376هـ نوفمبر 1956م، نختار منها قوله:
صغت من فيلق المشاعر جرسي
لأبث الحزين من فيض حسـي
مستهام وليس يغني من الوجد
عزاء ولا رواية قيس!.
أستدر الزمان ومضة نور
وأخط الشعور في كل طرس
ثم أتي وقد بلوت حياتي
وكشفت القناع عن يوم نحس!
ــــــــــ
في رحاب النفوس طفت بأحلامي
-مديداً- وما رجعت بهمس
وتماديت في سفينة آمالي
أجوس البلاد غاد وممس
فتداعت خواطري جاثيات
يتباكين من أذى كل رجس
ــــــــــ
آن – يا قوم – أن نشيد بناء
فوق ركن من العلوم وأس!
برباط من الشهامة والبر
منيع وبالتعاون مكـسي!
لنغني مع المنى في حبور
أبدى بعيد أمجاد أمس!
* ونقرأ له في العدد الثاني من السنة الثانية للإشعاع مقال (من تاريخنا الماجد..!).
وفي العدد السابق نقرأ له موضوع (نار.. واستعمار) الاستعمار أثم وخطيئة لا يطهران إلا بدم الحرية والخلاص) محرم 1376هـ.
* وقد ترجم له الأستاذ عبدالله بن إدريس في (شعراء نجد المعاصرون) وأورد نماذج من شعره.
* كما ترجم له (معجم الكتاب والمؤلفين في المملكة) الدائرة للإعلام، وقال: «.. خريج قسم الدراسات العليا بجامعة الأزهر بالقاهرة.. عمل بالتدريس، يكتب الشعر .. «.
* وقد قام مركز صالح بن صالح الاجتماعي بعنيزة بتكريمه وطباعة كتابه المخطوط (خواطر مرسلة) من ثلاثة أجزاء عام 1427هـ.