د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن خطوة الرئيس ترمب، بعد أن عمّد وزير العدل بالتحقيق في الكيفية، التي بدأت فيها قضية التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية، ومنحه كل الصلاحيات اللازمة للاطلاع على كل الوثائق السرية اللازمة، ويبدو أن ترمب كان لديه علم، أو على الأقل شكوك قوية حول ما كان يجري، خصوصا وأنه يعلم بأنه لم يكن أحد في المؤسسة الرسمية يريده رئيسا، بما في ذلك الحزب الجمهوري ذاته، فقد فكّر الحزب في اختيار مرشح غيره، ثم تراجع مرغما، عندما هدّد ترمب بأنه سيترك الحزب الجمهوري ويترشح كمستقل، فخاف الحزب من خسارة جمهوره، الذي سيتبع مرشحه المفضل، والحزب لن يتحمل خسارة هذا الجمهور، وأظن أن ترمب قرر الانتظار لحين صدور تقرير مولر، حتى يتسنى له قَلْب الطاولة على الديمقراطيين، دون أن يقال إنه كان يحاول التشويش على تحقيقات مولر.
الطريف هو أن الديمقراطيين غضبوا، بعد الإعلان عن التحقيق الجديد، واتهموا ترمب بأنه يريد إضاعة الوقت، وتبديد أموال دافعي الضرائب، وهم ذاتهم من قاتل دفاعا عن تحقيق مولر، الذي استغرق حوالي سنتين، وكلف عشرات الملايين من الدولارات، وذلك في سبيل البحث عن الحقيقة!، فالتحقيق الجديد، الذي ستجريه وزارة العدل، هو للبحث عن الحقيقة أيضا، يا معاشر الديمقراطيين، أم أن البحث عن الحقيقة عن طريق ترمب لا يخدم الحراك الديمقراطي الأمريكي!، وهنا لا يستطيع المعلق المحايد إلا أن يفغر فاه، أمام تناقض آدم شيف ورفاقه الديمقراطيين في الكونجرس، فكل ما هو ضد ترمب، يسير في فلك المصلحة الأمريكية، أما ما يبدو أنه يسير في مصلحته، فهو مضيعة للوقت!.
أسئلة كثيرة يطرحها فريق ترمب، وهي أسئلة مشروعة، أولها هو أن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية حدث في عهد الرئيس أوباما، فلماذا لم تتدخل هذه الإدارة لوقفه، هل لأنها كانت واثقة من فوز هيلاري كلينتون، ولم ترد أن تشوش على سير الحملات الانتخابية، ثم لماذا لم تفضح ترمب، إذا كانت روسيا تعمل لصالحه، وتحاول مساعدته على الفوز، فالتدخل الروسي أكدته كل أجهزة الاستخبارات والأمن الأمريكية، وروسيا خصم شرس لأمريكا، وتتجسس عليها منذ عقود طويلة، كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا، وأمريكا تفعل الشيء ذاته، وهناك أسئلة أخرى، تتعلق بالتدخل الروسي، ويهدف التحقيق الجديد إلى معرفة إجاباتها، فلماذا إذاً يقف الديمقراطيون ضد بدء التحقيق الجديد، بدلا من أن يدعموه، والإجابة ليست عسيرة، ألخصها في خمس كلمات: «لأن التحقيق قد يخدم ترمب»، وهذا ما لا يريده خصومه، هكذا بكل بساطة!.